بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
“إذا لم تستح فاصنع ما شئت”
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية،
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت”. رواه البخاري .
فقوله صلى الله عليه وسلم : إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى يشير إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين، وأن الناس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن، وهذا يدل على أن النبوات المتقدمة جاءت بهذا الكلام، وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة. وفي بعض الروايات قال “:لم يدرك الناس من كلام النبوة الأولى إلا هذا .” خرجها حميد بن زنجويه وغيره
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان كما في “الصحيحين” عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحيي، كأنه يقول: قد أضر بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه فإن الحياء من الإيمان وفي “الصحيحين” عن أبي هريرة قال “:الحياء شعبة من الإيمان .”
واعلم أن الحياء نوعان: أحدهما: ما كان خلقا وجبلة غير مكتسب، وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ” الحياء لا يأتي إلا بخير ” فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من استحيا، اختفى، ومن اختفى، اتقى، ومن اتقى وقي .
النوع الثاني: ما كان مكتسبا من معرفة الله، ومعرفة عظمته وقربه من عباده، واطلاعه عليهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهذا من أعلى خصال الإيمان، بل هو من أعلى درجات الإحسان، وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ” استحي من الله كما تستحيي رجلا من صالح عشيرتك ” .
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.