نموذج حي لسوء رعاية حكام السوء في اليمن
طريق (العَبر) تتسبب في حوادث تحصد الأنفس
إن مما ابتلي المسلمون به في زماننا هو سوء رعاية حكامهم لهم وهذه نتيجة طبيعية لتطبيق النظم والقوانين الوضعية عليهم سواء أكانت ملكية أو جمهورية، إن رعاية المسلمين بأحكام الإسلام هي السياسة الوحيدة الصحيحة التي لا شبيه لها ولا نظير بين السياسات المختلفة والمتنوعة ذلك أن الإسلام يغرس في نفوس المسلمين الخوف من الله، فقد جعل الإسلام العامل المسير لأعمال الإنسان في الحياة هو أوامر الله ونواهيه وجعل الغاية من ذلك هي نيل رضوان الله تعالى، فإذا كان مقياس الأعمال هو الحلال والحرام ولكن الغاية هي الرياء وليست نيل رضوان الله تعالى فإن هذا العمل غير مقبول عند الله ومحبط لسائر أعماله. قال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65] وعن أبي هريرة رضي الله، عنه قال سمعت رسول الله e يقول: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ،…» رواه مسلم، وهذا فيمن يجعل العامل المسير لأعماله هو الحلال والحرام لكنه لم يبتغ به وجه الله والدار الآخرة فكيف بمن يجعل مقياس أعماله النفعية الرأسمالية ولا يبتغي بها وجه الله، وأشد من ذلك هو من ولاه الله أمر المسلمين فلم يحكم بشرع الله بل حكم بغيره من الشرائع الوضعية الفاسدة ولم يرعَ شؤون المسلمين بأحكام الله ويسير على سنة رسول الله ويلتزم بنهجه ويتبع سياسته ويسوس الناس بأوامر الله ونواهيه ابتغاء مرضاته وطمعا في جنته واتقاء غضبه وشر عقابه.
واليمن التي كانت أحدى ولايات دولة الخلافة قبل أن تطأ أرضها أقدام الكفار المستعمرين قد أصبحت اليوم في وضع يرثى له بعد أن عبثت الحرب بها وبأهلها وخلفت الكوارث والدماء والأمراض والخراب والدمار فأصبحت كيانين شبه منفصلين تدير كل كيان حكومة مستقلة عن الأخرى يتسابق كل منهما في تطبيق قوانين الكفر العلمانية وتنفيذ أجندة الكفار ومحاربة الإسلام ومنع عودته للحكم، وكذلك في إذلال المسلمين وصناعة الأزمات التي تعصف بحياتهم، كما يتسابقون في اعتقال الأبرياء والتفنن في تعذيبهم وإذلالهم وزيادة المتاعب لهم وفي سوء رعايتهم للمسلمين، ومن سوء الرعاية إهمال الطرقات وعدم إصلاحها والتي تحولت مع مرور السنوات إلى طرق وعرة وغير آمنة ممتلئة بالحفر التي تسبب الكوارث والحوادث التي تحصد الأنفس.
ومن هذه الطرق طريق العبر والذي أصبح يعرف بطريق الموت وهو الطريق الدولي الوحيد الذي يمر المسافرون عبره إلى مملكة آل سعود، ومن المعلوم أن شرائح كبيرة من أهل اليمن يعملون في السعودية ويمرون عبر هذا الطريق. علاوة على ذلك فإن المتوجهين إلى بيت الله الحرام لغرض الحج أو العمرة يمرون عبر هذا الطريق ولا يوجد طريق غيره، وهذه الطريق تحت سيطرة ما تسمى بالشرعية (حكومة هادي) التي يرأسها معين عبد الملك. فقد أصبحت تلك الطرق نظرا لإهمال حكومة هادي لها طرقاً وعرة ممتلئة بالحفر ومحفوفة بالمخاطر التي تسبب للمسافرين الحوادث وهي في الغالب تؤدي إلى قتل بعض المسافرين وإزهاق أرواحهم وضياع ممتلكاتهم. ومما يدمي القلب أن بعض المسافرين إلى بلاد الحرمين للعمرة أو لغيرها لا توجد لهم طريق غيرها ولا يعلمون بأن تلك الطرق قد أصبحت بذلك الشكل المخيف والمرعب فيتفاجأون بالحادث التي يودي بحياة البعض منهم أو كلهم، وهذا من غش الحكام للرعية وسوء تقصيرهم واللامبالاة وعدم استشعار مسئوليتهم أمام الله، وقد جاء في الحديث «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» هذا العذاب الذي ينتظر هؤلاء المقصرين في رعاية الناس والذين لم يدركوا فداحة ما يفعلون ولا يستشعرون مسئوليتهم تجاه رعيتهم، أما موقف الرعية فيجب أن يكون قويا وأن تأخذ على يد العابثين وأن توجد رأياً عاماً على فساد رعايتهم الخاضعة لقوانين العلمانية الفاسدة وأن يعملوا على إسقاطهم وإقامة الخلافة الراشدة على أنقاضهم فهي وحدها دولة الرعاية الصحيحة التي تحمي المسلمين من كل الأخطار وتحقق لهم كل الخدمات التي يحتاجونها؛ فخليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستشعر المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه فيحاسب نفسه إذا لم يصلح الطريق لبغلة ناهيك عن إصلاحها للناس!
فنقول لأتباع ما تسمى بالشرعية (شرعية الطاغوت) الذين يعتبرون قياداتهم أفضل من قيادة الحوثيين – مع العلم أنهم كفرسي رهان في سباقهم إلى الشر والمنكر والبغي – لن يخرجكم مما أنتم فيه من ضنك العيش والوضع المتردي والحرب الطاحنة والتخبط في ظلمات المبدأ الرأسمالي الديمقراطي إلا العمل الجاد مع إخوانكم شباب حزب التحرير الذين يصلون ليلهم بنهارهم من أجل تحقيق هذه الغاية العظيمة والهدف السامي وإقامة تاج الفروض الذي بوجوده تقام كل الفروض وبغيابه تذهب أغلب الفروض؛ فالخلافة هي التي ترعى شؤونكم كما يحب الله ورسوله وكما تحبون أنتم، فهي التي يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض وبعودتها تنزل السماء بركاتها وتخرج الأرض خيراتها، وتحمل الإسلام رسالة نور وهدى للعالم كله بالدعوة والجهاد لإنقاذهم من النار ولإخراجهم من الظلمات إلى النور.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ: شايف الشرادي – ولاية اليمن
2019_07_01_Art_A_model_of_poor_care_for_the_bad_rulers_of_Yemen_AR_OK.pdf