Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – حدود الله والخير كله

 

 

 

مع الحديث الشريف

حدود الله والخير كله

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ أَظُنُّهُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الأَرْضِ خَيْرٌ لأَهْلِ الأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا». سنن ابن ماجه

 

التعليق:

 

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله, أما بعد:

 

 يربط هذا الحديث الشريف بين المطر وتعمير الأرض بإقامة الحدود، حيث إن تطبيق الحدود من الأمور العظيمة، التي تزجر من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق الله تعالى والعباد، فهذه الحدود تمنع الناس من الاقتراب من المحرمات. لكن هناك أمر فيه من الحكمة ما يجهله كثيرون، ألا وهو أن في تطبيق الحدود تعمير للأرض. فكما أن الأرض إذا كانت جرداء لا عشب فيها وأمطرت السماء عليها أربعين يوماً امتلأت أعماقها بالماء فنبت ما فيها، وتحولت من جرداء لا حياة فيها إلى منافع للناس تسر الناظرين، وكذلك يقارن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين هذا التغير الذي يوجد في النفس الراحة والاطمئنان والرضا، وبين تطبيق حدّ من حدود الله تعالى.

 

إن الخير كله في تطبيق شرع الله تعالى، وإيجاد حكمه على الأرض، في كل صغيرة وكبيرة، ومنها الحدود، لهذا يجب أن نلاحظ أموراً ثلاثة في هذا الحديث: أولها: أن إعمار الأرض يكون بتطبيق شرع الله ومنها الحدود. وثانيها: إن تطبيق شرع الله ومنه الحدود يوجد عند الإنسان الراحة والاطمئنان في النفس والأمان في المجتمع. وثالثها: إن تطبيق شرع الله وحدوده خير للناس من كثير مما يعجبهم في الحياة الدنيا.

 

وهنا يجب أن ندرك نحن المسلمين، وقد قبلنا بالإسلام ديناً، وبالقرآن والسنة مصدراً للتشريع، علينا أن نطبق الإسلام وحدوده، ولا نكترث لأي أحد يصف تطبيق الحدود، من قطع لليد، أو الرجم، أو القتل، بأنها لا إنسانية وخالية من الرحمة، فهذا أمر غير قابل للنقاش أو الجدال. كيف لنا أن نأخذ من الإسلام ما يوافق الناس ويتقبلونه ونترك ما يستهجنوه وينتقدوه؟!

 

إن الإسلام الذي نعتز به هو من عند الخالق الباري، ونحن في أمس الحاجة لتطبيقه في كل أمورنا، وعلينا أن لا نأبه بمن لا يعجبه. عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيمُوا حُدُودَ اللَّهِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلاَ تَأْخُذْكُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ».

 

علينا أن نسعى بكل جهودنا إلى إعادة تطبيق حدود الله في الأرض، فيصلح المجتمع الذي نعيش فيه، وينتشر العدل بين الناس، وهذا لا يكون إلا بإيجاد دولة تطبق شرع الله كاملاً، وبوجود حاكم حريص على تطبيق شرع الله في العالم بأكمله. الله نسأل أن يعجّل لنا بإعادة حكمه في الأرض، وأن يعيدنا إلى حالنا الذي كُنا عليه أيام الخلفاء الراشدين، اللهم آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح