مع الحديث الشريف
باب ما ذكر عن بني إسرائيل
الحديث الثالث
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في “باب ما ذكر عن بني إسرائيل”.
حدثني محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات القزاز قال: سمعت أبا حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم“.
إن السياسة في الإسلام هي رعاية الشؤون بأحكام الإسلام، وهي جزء أصيل في هذا الدين، فالعقيدة الإسلامية في أساسها عقيدة لرعاية الشؤون عبر الأحكام الإسلامية. والله سبحانه وتعالى أعطى الأمة الحق في اختيار حاكمها لينوب عنها في تطبيق أحكام الإسلام، بعد أن كانت هذه السياسة للأنبياء، وبما أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والمرسلين، فقد لزم أن تكون سياسة الناس بعدهم من الناس أنفسهم، لذلك جعل الشرع السلطان للأمة ولا يجوز نزعه منها أبدا.
أيها المسلمون:
لقد عيّن رسولكم الكريم في هذا الحديث طريقة وجود الحاكم من خلال البيعة، فالأمة تأتي به بعقد بينها وبينه، عقد مراضاة واختيار، تبايعه من خلاله على أن يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله، وتحاسبه إن قصّر في هذه الرعاية أو حاد عنها، واللافت للنظر في هذا الحديث وغيره أنه سمى هذا الحاكم خليفة في قوله صلى الله عليه وسلم: “وسيكون خلفاء فيكثرون“، والسؤال: هل حكامكم اليوم يطبقون إسلاما؟ هل حكامكم جاؤوا من خلال بيعة؟ هل حكامكم خلفاء؟ الجواب بالقطع لا، بل هم أقل من أن نقارنهم بالخلفاء والله، ولكن يأبى العقل إلا أن يقارن، أو هو من باب وضع اللون الأبيض إلى جانب اللون الأسود لبيان شدة وحجم التناقض بين اللونين، ولعل من بقي من هذه الأمة يعود إلى رشده ويعلم حجم المؤامرة، فيعمل مع العاملين المخلصين لإعادة مجد الإسلام من جديد.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم