مع الحديث الشريف – محاسبة الحاكم للعمال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نرحب بكم مستمعينا الكرام ونكون وإياكم وحلقة جديدة من برنامجكم ( مع الحديث الشريف )
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا” ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ “أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ …… “
حرص الخلفاء على تسليم أمور المسلمين لمن هو أهل لها، منذ أن أقاموا الدولة حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم، فكانوا أشد ما يكونوا على من لم يرحم الناس من العمال، كيف لا وهم عُينوا لقضاء حاجات الناس وتيسير أمورهم، بما يرضي الله، وهذه نقطة مفصلية في تعيين العامل، فإن على الخليفة أن يتخير العمال وأن يعين من يتقي الله، وأن ولا يستغل منصبه في تنمية أمواله وتحقيق زهوة من الدنيا يسعى لها، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت الذي علي، قالوا: نعم، قال: لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته به أم لا) رضي الله عنه، كان شديد الحساب لولاته وعماله، وكان قد عين محمد بن مسلمة للتفتيش عليهم ليضمن أن يكون عملهم كما يجب، هكذا يُردع العامل عن الكسب الحرام، فإن لم يردعه خوفه من الله، يردعه خوفه من الحساب والعقوبة التي ستقع عليه من الحاكم.
أما نحن وقد ضاعت طاسة المسلمين ولم يعد لهم أمير يرعاهم أو يراقب أحوال الدولة، نرى نوعين من العمال والموظفين، النوع الأول الموظفين البسطاء الذين لا تهمهم إلا لقمة العيش الحلال مهما كانت قليلة، وقد قبلوا بأقل المرتبات، التي ربما لا تكفيهم لأساسيات الحياة، لكن ليضمنوا باقي حياتهم بما سيتقاضوه من التقاعد، ونرى النوع الثاني وهم الذين تُوزع الأموال عليهم بلا عد ولا حساب، ونرى العز قد بان عليهم دون غيرهم، ولا من سائل يسأل .. من أين لكم هذا ؟؟؟
وصلنا لنهاية حلقتنا لهذا اليوم .. نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته