استيلاء المجلس الانتقالي على عدن؛ الأسباب والتداعيات…
يواصل قطبا الصراع الإنجلو أمريكي صراعهما عبر أدواتهما في العالم ومنه اليمن الذي أضحى شقياً تَعساً ضَنِكاً، فقد وجه الحوثي أداة أمريكا ضربة قاصمة لعملاء الإنجليز المجلس الانتقالي بمقتل حوالي 40 عسكرياً وقائد معسكر الجلاء أبو اليمامة منير اليافعي الذي كان يُعِدّ جنوده لمعركة يقصم فيها شوكة الحوثي ولكن حدث ما حدث، واليوم يقوم أداة الإمارات الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي ومن ورائه بريطانيا بانقلاب على حكومة وقوات (الشرعية) في عدن لتحسم المعركة فيستولي بهذا الانقلاب على المعسكرات ومؤسسات الدولة التابعة لهادي الأسير في السعودية، وقد أسفر هذا الحدث عن مقتل 40 شخصا وإصابة 260 آخرين وملاحقة قيادات عسكرية وسياسية والاستيلاء على منزل وزير الداخلية وقصر المعاشيق ومعسكر بدر… هذا وقد صرح وزير الداخلية اليمني التابع للشرعية الميسري قائلا “صمت الرئاسة عن أحداث عدن مريب، وتابع أن الإمارات دعمت المجلس بـ400 مدرعة هي التي قامت بالانقلاب” (قناة بلقيس). يتزامن هذا مع استيلاء قوات طارق صالح على معسكر ذباب في الساحل الغربي غرب تعز. هذا وقد دعا هاني بن بريك سابقا إلى إسقاط حكومة الشرعية وتوعد رئيسه عيدورس الزبيدي بتحرير مكيراس وبيحان وحضرموت (قناة بلقيس). أما قناة الحرة فقد أوردت تصريحاً للباحث السعودي سليمان العقيلي “احتلال الانتقالي لعدن تهديد للأمن القومي السعودي”، وتابع “أنه يوجد خلاف سعودي إماراتي، وأن الحديدة مجهزة للقتال ودحر الحوثي ولكنها واجهت ضغوطا”، وقد وُجِهَ إليه سؤال من أحمد العولقي العضو في الانتقالي “طالما أن الحديدة تواجه ضغطا فما بال مأرب وصرواح؟” وقد أفاد مذيع الحرة “أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يستقبل محمد بن زايد حين قدومه للسعودية ما يعكس أن هناك خلافا بين السعودية والإمارات”. أما قناة بلقيس فقد أفادت نقلا عن قناة البي بي سي “أن الانتقالي سيطر على القصر الرئاسي بدون قتال” وأفادت القناة نفسها أن المجلس الانتقالي يرفض الانسحاب من المواقع التي استولى عليها من قوات الشرعية حتى حدوث حوار، وأفادت القناة وصول دفعة ثانية من العربات والآليات السعودية بمرافقة قوات الانتقالي إلى مقر قوات التحالف بالبريقة – عدن، هذا وقد دعت الأمم المتحدة إلى خفض موظفيها بنسبة 50%، كما أفادت قناة الحدث أن 450 حالة تعذيب قام بها الانتقالي و13000 انتهاك حقوق الإنسان و2400 شخص تهجير قسري و1000 أسرة هربت و1200 بسطة دمرت و6000 مواطن منعوا دخول عدن، وقد دعت السعودية إلى وقف إطلاق النار واجتماع طارئ في جدة.
أحداث متسارعة، حدث تلو حدث، لتشهد حمى ونهم وشره هذا الصراع، صراع الأدوات ومن ورائهم الأسياد أمريكا وأداتها الحوثي الذي ابتلع الشمال بدعم منها وأممي، والسعودية التي لها أعمال في مأرب وصرواح ونهم ومناطق صعدة والجوف وتحاول في الجنوب النفو عدن والضالع وحضرموت وسوقطرة والمهرة، وبسبب وقوع هادي بحكم الأسير لدى سعودية سلمان وبفعل الضغوط التي تواجهها بريطانيا عبر أداتها الإمارات من خلال تفجير ناقلات نفطها في هرمز قامت برد ماكر تمثل بالانسحاب التكتيكي الشكلي أو ما أسمته إعادة الانتشار من اليمن، لذلك أمرت بريطانيا الإمارات عبر الانتقالي بما قام به من الاستيلاء على مقار الحكومة والمعسكرات في عدن لتشكل محاولة للانفصال فتفوز بعدن والجنوب إذا لم تستطع تحرير الشمال فلا تخرج “من المولد بلا حمص!” أو يعد هذا ضغطاً من الإنجليز للحصول على مساحة أكبر من المنافع والمصالح المادية والسياسية أمام عجز الشرعية (هادي) الأسير في السعودية عميلة أمريكا، فإلى ماذا تؤول الأحداث وتتطور؟ هل إلى حل سياسي تتقاسم فيه الأطراف المصالح؟ أو إلى انفصال الجنوب عن الشمال؟ أو إلى حرب تشنها قوات التحالف على المجلس الانتقالي؟
أما أن تشن السعودية على المجلس حربا، وقد ضربت أحد المواقع التابعة للانتقالي لإرسال رسالة لهم، لكن أن تقوم بحرب عسكرية مستمرة على الانتقالي فهذا مستبعد برأيي لأن هذا لم تدع له أصلا السعودية بل دعت الأطراف للحوار كما جاء تصريحها في وكالات الأنباء، وكذلك فإن قيامها بهذا الفعل يعني شن حرب على شريكها في التحالف وحرباً علنية بين السعودية والإمارات، وهذه مواجهة مباشرة، وهذا ما تتجنب الدولتان القيام به، إضافة إلى ذلك فإن القيام بهذا العمل سيؤدي إلى تعقيد الحل ويعطي شرعية للانتقالي بشكل أعظم وأكبر ويهيئ جوا عاما ضد السعودية وحربا ضدها يدافع بها الانتقالي عن نفسه، كذلك يأتي هذا في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا إلى تجنب الحرب والسعي إلى الحل السياسي عبر أذرعها السعودية والحوثي وفصيل باعوم الجنوب.
أما موضوع الانفصال فهو حل غير ناضج وغير مختمر أمام الافتقار إلى الأجواء السياسية والاقتصادية والعسكرية والدولية، ولن تفعله الإمارات ومن ورائها بريطانيا إلا إذا توفرت هذه العوامل كما حدث في جنوب السودان وغيرها، وكذلك إذا خسرت كل مواقعها، وهذا لم يحدث فقد جعلت خَلَفاً لها في الجنوب؛ المجلس الانتقالي وطارق صالح وحكومة الشرعية معها ولكن بالخفاء وتقاسما للأدوار. فلا حل إلا الثالث وهو الحل السياسي، ولكن كيف يكون سياسيا والظاهر هو الأعمال العسكرية؟ إن ما قامت به أداة الإنجليز الإمارات لهو ضغط عسكري لتتوفر مساحة أكبر سياسيا، ولذلك كانت الدعوة إلى حوار في جدة، فكان هذا الحدث فكاً لهادي من أسره، وقد أبدى هادي (الرئاسة) صمتا كما صرح الميسري، وقد ظهر في وجه هادي الابتهاج حينما التقى العاهل السعودي.
إن الأحداث الأخيرة تشهد تعقدا في خيوط الصراع الإنجلو أمريكي ويذهب ضحيتها أبناء المسلمين في اليمن وقودا يغذي هذا الصراع والذي تتحقق به مصالح الغرب الكافر. وعلى أهل اليمن أن ينبذوا هذه الأطراف المأجورة وأن يركنوا للمخلصين من الأمة دعاة الإسلام ودولته ومشروعه النهضوي؛ حزب التحرير، ليعزوا في الدنيا والآخرة ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن العامري – اليمن
2019_08_17_Art_Transitional_Council_takeover_of_Aden_Causes_and_repercussions_AR_OK.pdf