Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – الأمن والخوف

 

 

مع الحديث الشريف

الأمن والخوف

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي  صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال: «وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة» أخرجه ابن حبان في صحيحه.

إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله أما بعد:

 

إن هذا الحديث العظيم من الأحاديث القدسية التي ينقلها رسولنا الكريم على لسان رب العالمين، ويلفت هذا الحديث إلى أمرين مهمين هما الأمن والخوف. فالله سبحانه وتعالى خلق من كل شيء زوجين، وجعل لكل شيء ضده، وضد الأمن الخوف. وكما ذكر الحديث الأمن والخوف ذكر أيضًا مكانهما، حيث ذكر الدنيا والآخرة.

 

من ظنّ أنه في مأمن من الله تعالى في الدنيا، لن يأمن في الآخرة، وإن ظن المسلم أنه في مأمن من العقاب في الآخرة يكون قد أخطأ. والمسلم لا يمكن أن يكون على يقين تام بأن الله تعالى راضٍ عنه، مما يجعله خائفًا. والله جعل الإنسان أمام خيارين اثنين إما أن يأمن في الدنيا ويخاف في الآخرة، وإما أن يخاف في الدنيا ويأمن في الآخرة.

 

وهنا نذكر بعضًا من سلوكيات المبشرين بالجنة في هذا الصدد، حيث نقل عن الصدِّيق رضي الله عنه قوله: “وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن”، وكان أسيفاً كثير البكاء، وكان يقول: “ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا”، وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل، وكان عمر رضي الله عنه يسقط مغشياً عليه إذا سمع الآية من القرآن، فيعوده الناس أياماً لا يدرون ما به، وما هو إلا الخوف، وكان في وجهه رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته، ويقول : “لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير”.

 

وهذه السلوكيات ترشدنا إلى المأمن من الله تعالى يوم القيامة، حيث ما علينا سوى الخوف من الله تعالى في الدنيا، والحرص على أن نظل متيقظين ساعين إلى مرضاته عز وجل، فالله سبحانه وتعالى سيستبدل الأمن والأمان يوم القيامة بخوف عباده في الدنيا. 

 

وعلى هذا فعلينا نحن المسلمين أن نسعى دائمًا إلى الأمان يوم القيامة، وأن نحرص كل الحرص على البقاء في حالة التيقظ لما يرضي الله تعالى ولا يغضبه، وأن تكون هذه الغاية واضحة كل الوضوح في أعيننا والعمل لهذه الغاية بكل الوسائل الشرعية، وعدم الارتكان إلى الدنيا، والاكتفاء بالأمن اللحظي ونسيان الأمن الدائم يوم القيامة. فالله نسأل أن نكون ممن يؤمنهم الله تعالى يوم القيامة، وأن يرينا الطريق، ويهيئ لنا الأحوال لمرضاته والدخول في رحمته.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبة للإذاعة: د. ماهر صالح