مع الحديث الشريف
الرضا بشرع ربنا
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري قال: أنبأنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: “سرح الماء يمر”، فأبى عليه، فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسقِ يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك»، فغضب الأنصاري، فقال: “يا رسول الله أن كان ابن عمتك”. فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «يا زبير اسقِ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر»، قال: فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا). سنن ابن ماجه
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن في هذا الحديث من العبر الكثير. لقد آخى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، وتعاهدوا على القبول بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ينازعه في حكمه أحد ولا يخالفه. وبعد هذا، لا يُقبل ممن أعطى العهد أن يخل به أو ينقضه، وكيف إذا كان العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءه خصمان، وعندما لم يرضَ الأنصاري، وقال ما قاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر الزبير بأن يسقي وبعدها يحبس الماء، وهذا كان حكمه، بعد رفض الأنصاري لحكمه، وهو غير مقبول منه.
هنا نرى أن الأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام يجب أن نقبلها، وننفذها، ونطبقها، ولا يبقى في أنفسنا شيء تجاهها، لأننا نعلم أنها جاءت منصفة من عند الله العدل، ولو لم ندرك عدلها. فالأحكام الشرعية لم تترك للهوى أو الميل منزلة عند الله تعالى، بل هي عادلة كما هي، يجب علينا أن نرضى بها. الله سبحانه وتعالى أنزل علينا الأحكام وهو يعلم بما ينفع الإنسان وما لا ينفعه، ويعلم أن الإنسان قد يرضى عنها وقد لا يفعل، لذلك أنزل آيات جازمة في القرآن بأنه يجب على المسلمين الالتزام بها، وأن لا نترك الشيطان يوسوس لنا ويخدعنا.
إن المسلم المتقي لربه، الساعي لمرضاته عز وجل، يجب أن يعلم أن هذا الرضا لن يناله إلا بالالتزام بشرع الله كاملاً والانصياع لأوامره سبحانه وتعالى. فالله نسأل أن يعيننا على تطبيق شرعه، وأن يرضا عنا، ويبعد عنا وساوس الشيطان، وأن يعجل لنا بمن يقوم على تطبيق شرعه في القريب العاجل.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح