خبر وتعليق الأطفال في الغرب والآثار الكارثية للحرية
كيف يُعاملُ المجتمعُ أضعفَ أعضائِه -الأطفالَ و كبارَ السنِّ والمُعاقين؟!.
ويُقالُ الكثيرُ عنِ التَّحَضُّرِ والحضارةِ. هُنا أردْنا أن نُسَلِّطَ الضُّوءَ على الأحداثِ الأخيرةِ التي حدثت في بريطانيا والمتعلقةِ بسلوكِ الاطفال.
الحداثةُ هنا أنَّ هناك طفلينِ تتراوحُ أعمارُهُما بين العاشرة والحادية عشرة سنة ، أصبحت قصتُهُم الأولى في بريطانيا التي يُتَّهَمُ فيها الطفلانِ بمحاولةِ اغتصابِ فتاةٍ تبلغُ مِنَ العمْرِ ثمانيَةَ أعوام و طبعاً لا يمكنُ إدانتُهُم قانونيًّا بسببِ سِنِّهِم. ومِنَ المُسْتَغْرَبِ أنَّ هذه القضيةَ لمْ تُثِرِ الاستغْرابَ في داخلِ المجتمعِ البريطانيِّ بسببِ أنَّها ليست هي الوحيدةُ بحيثُ أنَّهُ في الآونةِ الأخيرةِ كَثُرَ مثلُ هذهِ الأحداث , وعلى سبيلِ المثالِ لا الحصر نذكرُ هنا ثلاثةَ حوادث :
1- أخوان اثنان قاما بجريمةٍ لضحايا تتراوحُ أعمارهُم بينَ التاسعةِ وإحدَ عشرَ عاماً وضعوهم في النفاياتِ بعد أنِ اغتصبوهُم وضربُوهُم بالحجارةِ وغيرِها من الأدواتِ وقاموا بالتمثيلِ فيهم و تشويهِهِم, وبعدها كان هناكَ محاولةٌ لخنقِهم وتَحريقِهِم وكانَ على إثْرِ ذلك وفاةُ الأخِ الأَكبرِ ونقلُ الآخرِ إلى المُستشفى .
2- اثنا عشر تلميذاً من تلامذةِ المدارسِ في منطقةِ محطَّةِ فيكتوريا في لندن قاموا بالاعْتداءِ على سوفيا بلامودين ذاتِ الخمسةَ عَشَرَ عاماً. وَمِنْ تقريرِ الشرطةِ اتَّضَحَ أنَّ التلاميذَ كانَ لهمُ اطِّلاعٌ على المواقعِ والمنتدياتِ في الانترنت وإنَّ هذه المنتدياتِ والمواقعَ نشرت فيلماً عن مجموعةِ تلاميذٍ تُسافرُ في القطارِ في نفسِ المحطَّةِ وتَحملُ سِلاحاً ، فقامَ التلاميذُ بتمثيلِ ذلك الفيلمِ على أرضِ الواقعِ بالاعتداءِ على الفتاةِ كَما هو في الفيلم الذي تَمت مًشَاهدُتُه في المنتديات.
3- طفلانِ تبلغُ أعمارُهُما عشر سنينَ قاموا باخْتطافِ جيمس الذي عمره عامان فقط ، وبعد أن عَذَّبوه تَمَّ قتلُه مِنْ قِبَلِهِم .
وفي أعقابِ هذه الحالاتِ المَأْسَاويَّةِ نسألُ الناسَ ما الذي يمكنُ عملُهُ لِمَنْعِ حُدوثِ هذا الأمر؟ وما هيَ الأسبابُ الَّتي تُؤَثِّرُ على الأطفالِ حتَّى يتصرفوا مثلَ هذا؟
بسبب مبدئهم الرأسمالي العفن فإِنَّ واقعَ الأمرِ وأسبابِهِ لا يتمُّ التعرضُ له ومناقَشتُه مِنْ قِبَلِ الحكومةِ ووسائلِ الإعلامِ بلْ يَكْتَفُوا بالوقوفِ على مُعالجةِ الحالاتِ النَّاتِجَةِ بدونِ النَّظَرِ إلى أصلِ المشكلةِ وَحَلَّهَا والتَّصَدِّي لَها.
لكنْ بالنَّظَرِ إلى المشكلةِ نَقُولُ أنَّ الأطفالَ لمْ يولَدُوا وحوشاً أو مجرمين . بلِ المشكلةُ أنَّ الأطفالَ همْ نِتَاجُ المجتمعِ بما فيهِ مِنْ مفاهيمَ وأفكارٍ شاذَّة. و أيضاً لِلْمُجْتَمعِ دورٌ في صِياغَةِ شخصيَّتِهِ وسلوكِه. ومِنَ المُفَارقَةِ في ردودِ الافعالِ على ما يَحْدُثُ مِنْ سُلوكٍ شاذٍّ مِنْ قِبَلِ الأطفالِ ما جاءَ على لسانِ أحدِ محامي الأطفالِ مُبَرِّراً سلوكَهُم الشاذَّ أنَّهُ منَ الممكنِ أنَّ ما قامَ به الأطفالُ مِنْ جرائمَ كان ناتجاً عَنْ مشاهدتِهِم شيئاً ما على شاشةِ التلفاز. و إنْ كانَ هذا صحيحاً فإنَّ الحريةَ التي منحَها النظامُ لمنتجي ومخرجي الأفلامِ وصانعِيهاَ مع شئٍ بسيطٍ منَ الرقابةِ الخاصةِ هي أساسُ المشكلةِ الحقيقيةِ وهي الحريةُ التي مُنِحَت لصُنَّاع ِالسينما .
إنَّ الحيرةَ التي تقعُ فيها المجتمعاتُ الغربيَّةُ الآن هو ناتجٌ عن إطلاقِ الحرِّياتِ حتى تُفْسِدَ المجتمعاتِ وخاصةً الشبابَ عن طريقِ السينما وإِظهارِ ونشرِ الأفلامِ التي تُغَذِّي في مضمونِها نزعةَ العُنْفِ والسلوكِ الشَّاذ, ولهذه السينما ووسائلِ الإعلامِ الأخرى مثل التلفازِ والإنترنت مطلقُ الحريةِ في العرضِ بحيثُ يٌؤَدِّي ببعضِ الأفرادِ إلى محاكاةِ ما يشاهدون على وسائلِ الإعلامِ غيرِ المضبوطةِ فيخرجُ هذا النوعُ من السلوكياتِ التي نَراها الآن. لهذا فإنَّ الإسلامَ والدولةَ الإسلاميةَ سوف تُحافظُ على المجتمعِ وتضبِطُ ما يُعْرَضُ عليه وتُوَجِّهُهُ الاتجاهَ الصحيحَ من أجلِ المحافظةِ على سُلوكيَّاتِ المجتمعِ وأفكارِه وقِيَمِه.
يا من تؤمنونَ بالحريَّة ِوتَقْبلون وتَسمحُون وتًشَجِّعون هذه الصناعاتِ بحُجَّةِ الترفيه وهي حقيقةً تًغَذِّي العنفَ والانحرافَ والشذوذَ السُّلوكِيَّ ، فهل تعلمون ماذا أنتم مُقْترفون ؟!
إنَّ الغربَ وعلى مدارِ سنواتٍ عدةِ يُحاولُ نشرَ وتعزيزَ مفهومِ الحرَّيةِ عبرَ العالم, ممَّا أفرزَ مآسٍ عديدةَ منها التي طالتِ الأطفالَ حتى أصبحَ الطفلُ يقتلُ أقرانَه, و نتيجةً لهذا الفكرِ نتجَ عندهم ما يُسَمَّى “الحريةُ المجنونة ُ” . وذُكِرَ على لِسان جولي غال تعليقاً على تَعَرُّضِ الأطفالِ لتصرفاتٍ بذيئةٍ في وسائلِ الإعلامِ وقد قال: أنَّ الأبحاثَ تُشيرُ إلى أنَّ تصويرَ وإظهارَ العنفِ للأطفالِ يُنْتِجُ عندهم القلقَ المُتَزايدَ، والكسل َ وتَدَنِّي احترامِ الذَّات، ومشاكلَ جسديةٍ ونفسيةِ ، واضطراباتِ الأكل، و إضرارٍ للذَّاتِ وكذلك الأمراضَ الجنسية .
إنه حَرِيٌّ بنا في العالمِ الإسلاميِّ الذي يوجَدُ فيه مَفتونون بالحريةِ والحُرياتِ أن نتعلَّمَ الدروسَ و نـأخذَ العِبَرَ منَ الكوارثِ التي أنتجتْها هذه الحرياتُ المطلَقَةٌ في الغرب ولا نَنْضَبِعَ بِهَا و نُحاكيها.
كتبه للإذاعة تاجي مصطفى