بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
التسليم بالقضاء
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي بتصرف في “كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
حدثنا أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا ليث بن سعد وابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: “يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف“.
إن مما يرشد إليه هذا الحديث هو التسليم بقضاء الله، فقوله عليه الصلاة والسلام: “واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك” فيه من الراحة والطمأنينة ما لو وزعت على الناس لكفتهم، وقد قال تعالى مخاطبا نبيه: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا). فإن العبد إذا علم أنه لن يُصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ونفع وضر، وأن اجتهاد الخلق كلهم على خلاف المقدور غير مُفيد البتة علم حينئذٍ أن الله وحده هو الضار النافع المعطي المانع، عندها يتوجه إليه بخالص العبادة والطاعة.
أيها المسلمون:
إن ما نراه في هذه الأيام من فساد واقع المسلمين وخذلانهم والتآمر عليهم من حكامهم ومن أسيادهم في دول الكفر لا يجوز بحال من الأحوال أن يضعف الهمّة والأمل في التغيير، بل على العكس تماما، فهذا الواقع السيئ يدفع بنا إلى التسليم بقضاء الله، والتيقن بأن أمر الله نافذ، وأن هذا الواقع الذي نعيش سيعقبه واقع غيره، وإنما لله في ذلك حكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، فنحن نتعبد الله في حالة الشدة بالصبر على البلاء والتسليم بقضائه والعمل على تغيير هذا الواقع الفاسد، كما نتعبده سبحانه وقت النصر والرخاء ونسلم أمرنا كله لله داعين: اللهم إنّا نبرأ من الثقة إلا بك، ونبرأ من الأمل إلا فيك، ونبرأ من التسليم إلا لك، ونبرأ من التفويض إلا إليك، ونبرأ من التوكل إلا عليك.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم