مع الحديث الشريف- الجنة هي موطننا
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَقُولُ اللَّهُ تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً” (رواه مسلم )
أيها المستمعون الكرام
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف لهو من الأحاديث التي تبقي الإنسان على ثقة عالية بربه، وتجعله يوقن بأن الله تعالى لم يخلق عباده للعناء والشقاء, فالله سبحانه وتعالى لا يزال يثنى على عبده ويضاعف له الأجر والثواب، فقط لأنه عمل بالحسنة تقربا منه، واجتنابا لغضبه. وكذلك فإن مما يلفت النظر في هذا الحديث هو أن الله تعالى مع أنه شديد العقاب إلا أنه يطمئن عباده بأنه غفور رحيم بيده أن يغفر للعبد حتى بعد المعصية التي قد يقع فيها.
إن المسلم المؤمن بأن الله قريب منه يستجيب دعاءه، يصدق بأن الله يرافقه في كل أعماله مهما كان صغيرا أم كبيرا، فيلتزم أوامره ويجتنب نواهيه. فإن سعى المسلم لأن يتقرب إلى الله تعالى بالأفعال التي تقربه من مرضاته، وتبعده عن غضبه، فإن الله سيسهل له أموره، ويسير له من يعينه ويقف بجانبه من أجل هذا الأمر، وهكذا يكون تقرب الله إلى عباده، فتقرب الله تعالى إلى عباده يكون بدوام التيسير والتسهيل لعباده في القيام بالأعمال التي ترضيه والتي يحب الله سبحانه أن يراها على عباده.
إن في نهاية هذا الحديث الشريف لفتة فيها القمة في العطاء والمغفرة، فالله تعالى يخبرنا بأنه يقبل الاستغفار والتوبة عن الذنوب كلها ما اجتنب العبد الشرك به. فلو أن الله سبحانه وتعالى يسعى لإشقاء عباده وتعذيبهم، لكان العقاب هو ما ينتظر العاصي، ولكن حكمة الله في خلقه أنه خلقهم ابتداءاً في الجنة، وهو يريدهم أن يعودوا إلى مكانهم الأصلي الذي خلق فيه أباهم آدم عليه السلام، ولهذا علينا نحن المسلمين المؤمنين أن نسعى للعودة إلى الجنة، وأن نسعى لأن نستحق المغفرة والتوبة والصفح عندما نلاقي خالقنا يوم الحساب، فعلينا التلبس بالأعمال التي تقربنا إلى خالقنا وتعيدنا إلى بيتنا الذي خلقه الله لنا، وأن نبتعد عن مسالك الشيطان وأعوانه فالحياة قصيرة، والجنة هي دار الخلود.
فالله نسأل أن نكون من أهلها، وأن نكون من القريبين من الله تعالى، الساعين لمرضاته، والحاصلين على جائزته، الجنة التي عرضها السموات والأرض، وليس هذا على الله بعزيز.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبة للإذاعة: د. ماهر صالح