مع الحديث الشريف – الوعي مطلبٌ لتحكيم الشرع
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال: “إن وجدتم فلاناً وفلاناً – لرجلين من قريش – فأحرقوهما بالنار”، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: “إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما” صحيح البخاري.
أيها المستمعون الكرام
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف واضح فيه أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حكم بالقتل على شخصين تطاولا على الإسلام وأهله وأفسدا في المجتمع، وقد كان حكمه عليهما بالقتل حرقاً ثم منع الحرق، وهما يستحقان القتل لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو من حكم عليهما، ولا يمكن لأحد أن يشكك في أن القتل حدٌّ شرعي وأن ينكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بالقتل، كما أن حدّ القتل واضح فيمن يقع.
إن القتل بالحرق هو عقوبة خصّ الله سبحانه وتعالى نفسه بها لتعذيب الكفار والعصاة، ولا يحق لنا نحن العباد أن نفعل ما خص الله به نفسه، ومن يفعل فقد عصى الله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. وهنا يجب الإشارة إلى جواز استخدام النار في الأعمال الحربية إذا كان القصد منها هو الترهيب وليس الإفناء والتقتيل والتعذيب؛ حتى لا يحدث عندنا خلط وقياس خطأ، وحتى لا يخرج من يدافع عن حرق الناس بأنه من قبيل الحرب في حين أن النار تُستخدم لحرق القرى وإبادة أهلها كما يفعل الغرب الكافر بنا، وحتى لو فعل هو هذا بنا، فهذا لا يبيح لنا فعل الشيء نفسه، فنحن حملة رسالة هداية وصلاح للبشرية، ولسنا مبيدين للبشر حارقين للأرض. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصّي الجيوش قبل خروجها بأن لا تقطع الشجر، ولا تقتل الشيخ والطفل، ولا تحرق البيوت والناس فيها، فلا يفتريّن أحدٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أمر بالتعذيب بالنار، معاذ الله. إن ما تفعله دول الكفر قاطبة ببلاد المسلمين، من تهجير أهلها وحرق بيوتهم وهم فيها لهو منكر ينكره الشرع لا يرضاه الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام ولا تقبله الإنسانية، وما نحن فيه من ويلات هو بسبب بعدنا عن فهم ديننا الحنيف، وعدم إدراكنا لمقاصد الشرع، وتمكن الكافر من رقابنا بيده وبيد أعوانه من العملاء، الله نسأل أن يخلصنا منهم، وأن يرفع عنا ظلمهم، وأن يعيدنا إلى رشدنا باتباع شرعه عز وجل وتحكيمه.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح