مع الحديث الشريف
إن الزمان قد استدار
حياكم الله أحبتنا الكرام، يتجدد اللقاء معكم وبرنامجنا مع الحديث الشريف، وخير ما نبدأ به حلقتنا تحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في سنن أبي داوود، كتاب المناسك
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ“
(إن الزمان) الزمان اسم للوقت قليله وكثيره، والمراد هنا السنة بشهورها، فالمعنى إن الزمان في انقسامه إلى أعوام، وانقسام الأعوام إلى الأشهر، عاد إلى أصله.
(قد استدار) يقال دار يدور واستدار يستدير، إذا طاف حول الشيء، وإذا عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، والمقصود هنا أن النسيء وتأخير الأشهر وتغيير أسمائها وأوقاتها قد عاد إلى الأصل.
(كهيئته يوم خلق الله) الكاف اسم بمعنى، مثل صفة لمفعول مطلق محذوف، أي استدارة مشابهة لهيئته يوم خلق الله السماوات.
(ثلاث منها متواليات) التمييز مفرده الشهر، وهو مذكر، فكان الأصل أن يقال ثلاثة لكن لما حذف المعدود جاز تذكير العدد وتأنيثه.
(ورجب مضر) معطوف على ثلاث، وإنما أضيف إلى مضر لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من محافظة سائر العرب.
(الذي بين جمادي وشعبان) رفع للبس وإزالة الشك وتحديد لمنع النسيء والتأخير.
إن هذا الحديث هو جزء من خطبة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والتي يبطل فيها نسيء الجاهلية وأمرهم بالمحافظة على ذلك لئلا يتبدل، واختلفوا في أول من نسأ النسيء. فقال ابن عباس والضحاك وقتادة ومجاهد: أول من نسأ النسيء، بنو مالك بن كنانة وكان يليه جنادة بن عوف بن أمية الكناني وقال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة وكان يقوم على الناس في الموسم فإذا همّ الناس بالصدر قام فخطف الناس فيقول لا مرد لما قضيت أنا الذي لا أعاب ولا أجاب فيقول له المشركون لبيك ثم يسألونه أن ينسئهم شهرا يغيرون فيه فيقول: إن صفر في هذا العام حرام فإذا قال ذلك، حلّوا الأوتار، ونزعوا الأسنة، والأزجة من الرماح، وإن قال: حلال، عقدوا أوتار القسي، وركبوا الأسنة في الرماح وأغاروا.
فكانت السنة التي حج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع هي السنة التي وصل ذو الحجة إلى موضعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الزمان قد استدار يعني أمر الله تعالى أن يكون ذو الحجة في هذا الوقت فاحفظوه واجعلوا الحج في هذا الوقت ولا تبدلوا شهراً بشهر كعادة أهل الجاهلية“.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم ومع حديث نبوي آخر، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبته للإذاعة
عفراء تراب