باباجان ينطلق من مبادئ حزب العدالة والتنمية القديمة
(مترجم)
الخبر:
ظهر علي باباجان في بث مباشر على شاشة التلفزيون لأول مرة بعد استقالته من حزب العدالة والتنمية الذي يعتبر أحد مؤسسيه. وقال باباجان، الذي كان ضيفاً على برنامج تيكي تيك الذي يبث على تلفزيون خبر ترك إنه يعتزم تشكيل الكيان القانوني للحزب الجديد في نهاية عام 2019. وأشار باباجان إلى أن “الاقتصاد، وحقوق الإنسان، وانتهاكات حرية التعبير، والقانون، والديمقراطية، والديمقراطية داخل الأحزاب” مسائل أساسية يجب حلها. وصرح باباجان بأنه استقال من حزب العدالة والتنمية بسبب هذه المبادئ والقيم. (صحيفة سوزجو التركية)
التعليق:
عندما نلقي نظرة على القضايا التي أدرجها في قائمة المشكلات التي يجب حلها؛ الاقتصاد، وحقوق الإنسان، وانتهاكات حرية التعبير، والقانون، والديمقراطية، نرى أن علي باباجان، الذي استقال من حزب العدالة والتنمية وبدأ بتشكيل حزب جديد، يكرر المبادئ التي تأسس عليها حزب العدالة والتنمية. ويكرر باباجان اليوم مبادئ أردوغان الذي استقال من حزب أربكان وأسس حزب العدالة والتنمية في عام 2001.
والسؤال ألم يشكلا معا حزب العدالة والتنمية في ذلك اليوم؟ نظراً إلى أن أربكان كان نوعا ما إسلامياً أو محافظاً في ذلك الوقت مقارنة بأردوغان، يبدو أن أردوغان اليوم أكثر إسلامية من باباجان إلى تلك الدرجة. ويبدو أن باباجان أصبح اليوم ديمقراطيا وليبراليا وعلمانيا مقارنة بأردوغان، إلى الحد الذي بدا فيه أردوغان ديمقراطياً وليبرالياً وتحررياً مقارنة بأربكان. ومع ذلك، كل هذه الصفات ليست ذات أهمية بالنسبة لسياسيي اليوم، كما لم تكن بالأمس.
إذا كانت أمريكا والمنظمات الأمريكية؛ وسائل الإعلام التركية والإعلام العالمي، والمنظمات اليهودية في أمريكا، ومؤسسات الفكر والرأي في نيويورك وواشنطن، قد دعمت أردوغان وحزب العدالة والتنمية، فإن تلك الدعاية لحقوق الإنسان والحريات التي أعلنها أردوغان في عام 2001 ستكون بلا قيمة. ولو لم تدعم أمريكا أردوغان بالمال الكافي في المنطقة، فإن أيا من الوعود الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية في تركيا لم يكن ليتحقق ولما تغلب على الأزمة المالية عام 2001. ولو لم تدعم أمريكا حزب العدالة والتنمية بموظفي جماعة غولن البيروقراطية، والمنظمات غير الحكومية والدعم الإعلامي، لما أمكنهم تصفية النفوذ السياسي الإنجليزي في تركيا. على الرغم من حقيقة أنهم كانوا خناجر مسلولة في وجه بعضهم بعضا، ورغم محاولة رجال غولن الإطاحة بأردوغان والحكومة من خلال محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو، إلا أنهما (حزب العدالة والتنمية، وجماعة غولن) كانا يعملان معاً قبل عام 2013. وعلى الرغم من وجود اختلافات في الأداء، إلا أن هدفهما كان تصفية السياسة الإنجليزية وجعل السيادة للسياسة الأمريكية. وبعبارة أخرى، فإن جميع المبادئ التي تم طرحها عندما تم تأسيس حزب العدالة والتنمية – حقوق الإنسان وحرية التعبير والقانون والعدالة – كانت دائما لصالح المشاريع الأمريكية في تركيا.
إذن لماذا تخلى أردوغان عن هذه القيم والمبادئ الغربية، أو لماذا بدأ باباجان اليوم بإطلاق مبادئ حزب العدالة والتنمية التي عفا عليها الزمن؟ بالأمس، كان هذا هو الطريق بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وأردوغان، لكن اليوم هناك طريق آخر. المواضيع التي تفوه بها علي باباجان والتي يجب حلها (الاقتصاد، وحقوق الإنسان، وانتهاكات حرية التعبير، والقانون، والديمقراطية، والديمقراطية داخل الأحزاب) هي مواضيع لم يعد أردوغان بحاجة إليها بعد الآن. لقد دافع عن القيم الأوروبية إلى أن وصل إلى السلطة، ولكنه عندما وصل إلى السلطة، ألقى بها وراءه. هذه المبادئ التي تخلى عنها حزب العدالة والتنمية وأردوغان هي مطلوبة مرة أخرى من جانب علي باباجان. وعلى أي حال، ما هي المبادئ الأخرى التي يمكن أن تقدمها العقول الغربية لهذا المجتمع؟ بالطبع ليست هي المبادئ الإسلامية وإنما المبادئ الغربية.
وعندما نسأل أين سيوضع الحزب الجديد الذي سيشكله علي باباجان في السياسة التركية، فإننا سنرى التالي: بالتأكيد إن البيئة التي سيخاطب فيها حزب علي باباجان الجماهير، والجمهور الذي سيطلب دعمه، هي في الواقع القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية المتلاشية. في الواقع حتى هذا يكفي لإظهار الجانب السياسي للحزب الذي سيشكله باباجان.
الحركة السياسية الجديدة التي سيقودها علي باباجان وعبد الله غول، ستكون في الكتلة السياسية الأمريكية في تركيا. وبهذه الطريقة، فإن جماهير الناخبين الذين لم يفلح أردوغان وحزب العدالة والتنمية – اللذان تتراجع شعبيتهما ويضعفان تدريجياً – في التأثير عليهم سيتجمعون هنا. إن تصريح باباجان بتفضيل السياسة الجماعية بدلاً من سياسة الرجل الواحد، سوف يجذب انتباه العلمانيين والليبراليين والديمقراطيين داخل تحالف الأمة. بعبارة أخرى، لا يطمح باباجان فقط للناخبين الذين انفصلوا عن تحالف الشعب، بل يطمح أيضاً للجماهير التي ستنفصل عن تحالف الأمة. وبهذه الطريقة، تهدف أمريكا إلى مواصلة سياساتها التي شكلتها وطبقتها على تركيا مع أردوغان وحزب العدالة والتنمية في السنوات الـ 15 الماضية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا