مع الحديث الشريف
لا تهاون في تطبيق فروض الله تعالى
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: “قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف”. قال سفيان: “كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده”. (سنن ابن ماجه وصحيح البخاري).
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا القول قول الفاروق رضي الله عنه على مسمع من الصحابة رضوان الله عليهم، وكلنا نعلم عمر بن الخطاب، وكيف أنه صاحب رؤية ثاقبة ونظرة صائبة في أمور العباد وشرع الله تعالى، فعندما يخشى عمر بن الخطاب من حال ستصير إليه هذه الأمة، من استبدال الأحكام التي جاء بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فلا نستبعد. وها نحن هذه الأيام نسمع على القنوات الإعلامية من يسمّون أنفسهم علماء في هذا الدين كيف يفترون على شرع الله ويبدلونه ويغيرونه إلى ما لم ينزل به ربنا من سلطان. منهم من قال بملء فيه أن الشرع الذي طبقه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام ومن سار على دربهم من التابعين حتى هدمت دولتهم دولة العز والكرامة؛ دولة الخلافة، أنه لا يصلح لزماننا، وأننا أدرى بما يناسبه وما لا يناسبه!! فهؤلاء تعدوا حدود الله، وأوقعوا من تبعهم بما لا يُحمد عُقباه. وآخرون كانوا كأمثال من سبقهم، فقالوا أن بعض الأحكام الشرعية لا تُطبق كما كانت تُطبق مُسبقًا، فالزمان اختلف والناس تغيروا، فيجب أن لا نقطع يد السارق بل يكفي أن نمنعه ولا نعينه على تكرار فعلته. ومنهم من قال أن الحدود لا مكان لها في زماننا، فنحن أصحاب الحضارة والثقافة والتطور، والحدود لا تليق بنا وتنفر منه النفس البشرية! فلا رجم للزاني ولا جلد، ولا قطع ليد السارق، ولا قتل لقاتل…
لقد أجمع الصحابة على الحدود وكيفية إقامتها، وأجمعوا على أن من ينكرها أو يفتري عليها عامداً متعمداً فقد أعد الله له جهنم وساءت مصيراً.
فالله نسأل أن يعيذنا من هذه الأيام القاتمة السوداء، التي يسير فيها المرء حيراناً، وأن ينجينا من فتنة أمثال هؤلاء، وأن يعيننا على أن نعيد الأمور إلى نصابها، ونطبق شرع ربنا كما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح