Take a fresh look at your lifestyle.

الليلة ابتهاج وفرح في داونينغ ستريت، ولكن سيتبعه غدا بكل تأكيد صداع شديد

 

الليلة ابتهاج وفرح في داونينغ ستريت، ولكن سيتبعه غدا بكل تأكيد صداع شديد

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

في الليلة الماضية، 12 كانون الأول/ديسمبر، فاز بوريس جونسون في الانتخابات البريطانية بانتصار ساحق لحزبه الذي رأى أكبر هزيمة في الانتخابات لحزب العمال منذ عام 1935. واحتفظ حزب جيريمي كوربين من حزب العمال بمقعده في البرلمان، ولكن مع هذه الهزيمة الساحقة على الصعيد الوطني، أعلن أنه لن يقود حزبه في الانتخابات العامة القادمة. وحقق الحزب الوطني الاسكتلندي انتصاراً ساحقاً في اسكتلندا، ومع حصوله على ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، لن يكون له أي سلطة في مواجهة الأغلبية المحافظة الساحقة، على الرغم من أنه سيكون لهم صوت عالٍ وصاخب مع دعوتهم لاستقلال اسكتلندا، وليس “سحبها من الاتحاد الأوروبي”.

 

التعليق:

 

من الناحية الفنية، لم يفز بوريس في الانتخابات؛ بل فاز حزبه. هو لم يفز إلا بمقعده، لكن رسالته وشخصيته هي التي كان لها صدى قوي على الناخبين بعد ثلاث سنوات قاسية من فوضى “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” التي هيمنت على السياسة البريطانية. لقد كان وعدُه لهم بسيطاً، فهو لم يعدهم بأكثر من الآخرين، لكنه أخبر الناس أنهم إذا وثقوا به، فسيخلصهم من أية مشاكل. حيث قال إنه سيتم تنشيط الخدمة الصحية الوطنية، واستعادة الاقتصاد وستكون بريطانيا قوية ورائعة مرة أخرى، ولم يكن مهماً فشله في شرح كيفية حصول ذلك.

 

لقد تم وصفه بالجبان لرفضه إجراء مقابلة مع أندرو نيل، لكن الجبن الحقيقي كان من بي بي سي التي سمحت لأندرو نيل باتهام جيريمي كوربين بمعاداة السامية، بينما وافق على الاستسلام لرغبة بوريس جونسون في الحصول على مقابلة لينة أكثر من أي شخص آخر. كان يُطلق على بوريس وصف غير الأمين وحتى الكاذب في السياق نفسه مثل ترامب، ولكن اليوم فإن وصف السياسي بأنه ليس كاذبا غير فعال بشكل غريب، كما لو أنه يفترض أن جميعهم ​​يكذبون حتى يتم انتخابهم. ربما كان ذلك جزءاً من جاذبيته. فلو أنه قال كيف سيحقق وعوده الغامضة تلك، فإن الناخبين سيضطرون إلى دراسة البيانات، والاستماع إلى الحجج المضادة وإصدار الحكم.

 

ما كان فعالا بشكل مذهل هو الشعار البسيط “اجعلوا بريكسيت يحصل!” مع التركيز الشديد على كلمة “يحصل”، وكرر وعده مرارا باستعادة السيطرة على بريطانيا والقيام بذلك بطريقته، وبأي ثمن، حتى لو كان ادعاؤه مفرطا في التبسيط، وهذا بالضبط ما أراد الناس أن يسمعوه. إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يجعل بريطانيا عظمى أو حتى مستقلة تماماً مرة أخرى، ومهما كانت السيادة التي سيتم استرجاعها من الاتحاد الأوروبي فعلى الأرجح سيتم تسليمها مباشرة مرة أخرى إلى أمريكا مقابل صفقة تجارية مع ترامب. وسوف تتزعزع نزاهة بريطانيا: فالأزمة الدستورية بشأن اسكتلندا وأيرلندا الشمالية تلوح في الأفق، وعلى الرغم من شعار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فليس من المؤكد أن رئيس الوزراء الجديد سيخرجها بالفعل من الاتحاد الأوروبي. التزامه الوحيد المؤكد، الذي ربط كل مرشحي حزبه به، هو أن حكومته لن تطلب تمديداً آخر للاتحاد الأوروبي.

 

“اجعلوا بريكسيت يحصل!” يعني في الحقيقة القيام بكل ما تريده، ولكن “من فضلك” (بتأكيدي على كلمة من فضلك!) افعل ذلك بسرعة وتأكد أننا نسمع أقل قدر ممكن عن هذه المعضلة الوطنية المقلقة في الأيام المقبلة. لا أحد يعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون سهلاً، وليس من المتوقع أن يحصل بوريس على صفقة مختلفة تماماً عن تلك التي تفاوض عليها في أيار/مايو، ولكن الرغبة الرئيسية للناخبين هي أن يتحمل شخص ما المسؤولية الكاملة عن الفوضى التي ورطت حكومة المحافظين السابقة الناس فيها باستفتاء عام 2016، وحماس بوريس المتدفق لهذه المهمة قد استوفى تلك الحاجة. فالناس، الذين أحرقتهم الممارسة النادرة للديمقراطية التشاركية المباشرة، وبوريس، الذي كوى جرح حزبه والأمة، حققوا معاً أكبر انتصار ساحق لحزبه في تاريخ بريطانيا الحديث؛ لأنه أكبر أحمق بتقدمه خطوة لشرب الكأس المسموم بالخروج من الاتحاد الأوروبي. فالليلة هناك ابتهاج وفرح في داونينغ ستريت، ولكن سيتبعه غدا بكل تأكيد صداع شديد.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور عبد الله روبين

2019_12_18_TLK_2_OK.pdf