تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
إعداد الأستاذ محمد احمد النادي
الحلقة الثامنة عشرة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحبتنا الكرام :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق:
الخوف من الله في السر والعلانية فرض، ودليل ذلك الكتاب والسنة. أما الكتاب فقوله تعالى: {وإياي فارهبون}. (البقرة40). وقوله: {وإياي فاتقون}. (البقرة41). وقوله: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.(آل عمران175). وقوله: {ويحذركم الله نفسه ? وإلى الله المصير}. (آل عمران 28). وقوله: {فلا تخشوا الناس واخشون}. (المائدة3). وقوله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم}. (النساء1). وقوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}. (الأنفال2). وقوله: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد. إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود. وما نؤخره إلا لأجل معدود. يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق}. (هود106). وقوله: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}. (الرعد21). وقوله: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}. (إبراهيم 14). وقوله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}. (الحج2). وقوله:{ولمن خاف مقام ربه جنتان}. (الرحمن46). وقوله: {ما لكم لا ترجون لله وقارا}. (نوح 13) والمعنى ما لكم لا تخافون عظمة الله. وقوله: {يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}. (عبس37).
وأما السنن والآثار فمنها ما يدل بمنطوقه على وجوب الخوف ومنها ما يدل بمفهومه:
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”.
عن أنس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة، ما سمعت مثلها قط فقال: “لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا” فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين. (متفق عليه).
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بين الله وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة”. (متفق عليه).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، قلت يا رسول الله الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك” (متفق عليه).
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه”. (متفق عليه).
وعن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يوم يقوم الناس لرب العالمين، حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم”. (متفق عليه).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يقول الله إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة ، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف”. (متفق عليه). فهلا كان خوفنا من الله في السر والعلانية كما كان خوف الصحابة رضي الله عنهم دافعا لهم لامتثال أوامره واجتناب نواهيه فنسعد كما سعدوا في الدنيا والآخرة؟
أحبتنا الكرام :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، على أن نكمل تأملاتنا في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.