تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي الحلقة الواحدة والعشرون
تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي
الحلقة الواحدة والعشرون
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: قلنا في الحلقة السابقة: إن الأمة الإسلامية التي أنجبت أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وخالدا وأبا عبيدة والقعقاع وصلاح الدين وغيرهم من قادة الفتح العظماء الذين سطروا التاريخ المجيد لهذه الأمة, لا زالت بحمد الله قادرة على أن تنجب قادة عظماء أمثالهم! وسقنا على ذلك أدلة من الكتاب والسنة. وفي هذه الحلقة أقدم لكم ما يثبت صدق قولي!
أيها المسلمون:
لقد أكرمني الله وشرفني منذ عشرات السنين بحمل الدعوة مع حزب التحرير, وقد عشت عيشا طبيعيا مع شباب الدعوة من القياديين, ومن غير القياديين, في السجن وفي خارج السجن, ومن خلال سيري في حمل الدعوة رأيت رأي العين كيف يبني الحزب رجل الدولة, وكيف يصنع من أعضائه شخصيات إسلامية, يصنعهم على عين بصيرة, يبني فيهم العقلية الإسلامية, والنفسية الإسلامية, فيصيرون بفضل الله ورعايته ذوي شخصيات متميزة, لا يصدرون أحكامهم إلا بناء على العقيدة الإسلامية, ولا يشبعون غرائزهم وحاجاتهم العضوية إلا بناء على العقيدة الإسلامية. تماما كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء جيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وفي هذه الحلقة نقدم لكم أنموذجا واحدا فقط من هذه الشخصيات وهو القدر الذي يسمح به وقت الحلقة, وذلك على سبيل المثال لا الحصر, وإلا فالشخصيات الإسلامية التي بناها الحزب أكبر من أن تحصى وتعد:
في عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية حين اعتقلت أجهزة المخابرات في ولاية الأردن أميرنا الحالي أبا ياسين عطاء بن خليل أبا الرشتة حفظه الله ورعاه, وجعل عزة الإسلام على يديه, آمين. قال له المحقق: ها نحن قد اعتقلناك, وإذا أردت الخروج, فما عليك إلا أن تثبت لنا حسن نواياك, بأن تجيبنا عن جميع الأسئلة التي نوجهها لك, فنحن الذين اعتقلناك, ونحن الذين بمجرد جرة قلم نخرجك! فكيف كانت إجابة هذا العالم الجليل يا ترى؟
أصيخي واسمعي أيتها الأمة الكريمة, يا من تبحثين عن قائد يقودك إلى بر الأمان! ويحكمك بشرع ربك الرحمن! أصيخي واسمعي أيتها الأمة الكريمة, يا من لا تعطين قيادتك لا لجاهل ولا لجبان! اسمعي الإجابة الجريئة والواعية والحكيمة, اسمعي وليسمع العالم كله الإجابة النابعة من قلب مليء بالحكمة والإيمان, قال بلهجة الواثق:
كلامك أيها المحقق غير صحيح, فأنتم لم تعتقلوني لضعف في تفكيري وفهمي, ولم تعتقلوني بمهارتكم, وقوة ذكائكم! وإنما دخلت هذا المعتقل بتقدير من رب العالمين, وسأخرج منه بتقدير من رب العالمين! ولا أخرج منه كما تقول بمجرد جرة قلمك, وأنا أتحداك, وأقول بأنك لا تستطيع أن تخرجني, فإن كنت صادقا فيما تقول, فهيا أخرجني بجرة قلمك! ولكي أثبت لك صحة كلامي أخبرك بأنه لم يكن من المقرر أن أتواجد في المكان الذي اعتقلتموني فيه, بل كان من المقرر أن يأتي شاب آخر مكاني, وهنا قاطعه المحقق متسائلا: من هو هذا الشاب؟ فأجابه أميرنا: لا شأن لك بهذا الأمر! واسترسل في كلامه قائلا: ذهبت إلى ذلك الشاب, وقلت له: إن معك في الحلقة التي تشرف عليها شبابا جددا, وهم حديثو العهد بالدعوة, نريدهم أن يتعلموا الدقة في المواعيد, والحرص على حمل الدعوة, والجدية فيها, فاذهب إلى شبابك, وسأذهب أنا مكانك, وكان من أمر اعتقالي ما كان!
ثم لماذا أيها المحقق المحترم أنت تضع تلك العصا في زاوية مكتبك, ولماذا لا تمسك بهذه العصا في يدك وأنت تحقق مع المعتقلين, كي تخيفهم, لأنني بصراحة تامة لست خائفا منك, فأنا لا أخاف إلا من خالقي الذي خلقني! فلما أنهوا التحقيق معه أودعوه السجن دون أن يمسوه بأذى, لما رأوا من جرأته وشجاعته في مواجهتهم!
أيها المسلمون:
والله الذي لا إله غيره, ولا إله إلا هو, لولا أمانة التبليغ, ولولا أن الدين النصيحة ما قلت هذا الكلام, ولكنها شهادة حق أؤديها على وجهها, وأقدمها لهذه الأمة الكريمة الحائرة وهي تبحث عن طريق الخلاص من هذا الواقع الفاسد الذي تحياه بعيدا عن منهج الله, لتعلم أن الرائد لا يكذب أهله, ولعلها تبصر طريقها طريق العزة, بإقامة دولة الخلافة, سائلا المولى تبارك وتعالى أن يتقبل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم, وأن يجنبنا التسميع والرياء, إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه. وهو وحده الهادي إلى الحق, وإلى سواء السبيل.
مستمعي الكرام: مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, على أن نكمل تأملاتنا في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه. نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.