فتحٌ من الله ونصر قريب
الخبر:
تم في مثل هذا الشهر من السّنة الهجريّة في العشرين من جمادى الأولى فتح القسطنطينية التي استمر حصارها شهرين متتاليين ابتداء من 26 ربيع أول سنة 857هـ / 1453م.
التعليق:
فُتحت مدينة هِرقل “قُسطنطينيّة”، عاصمة الدّولة البيزنطييّة، على يد السّلطان العثماني محمّد الثّاني بعد محاولات متتالية انطلقت منذ عهد تولّي معاوية بن أبي سفيان الخلافة الأمويّة مرورا بالعبّاسيّة فدولة السلاجقة ثمّ الخلافة العثمانيّة، وشاء الله أن يكون محمّد الثاني فاتح القسطنطينيّة وقاهر الرّوم هو من ينال بشارة الرسول r.
مرّ أكثر من ثمانية قرون حتى تحققت البشارة النبوية بفتح القسطنطينية وظلّ هدفا عزيزا نصب أعين القادة والفاتحين لم تُخمد جذوته طوال السّنين وعصيّ مدينة القسطنطينيّة وصمودها. وفي ذكرى فتحها، نستشعر أيّام المجد والعزّ والشّرف، أيّام الانتصارات والفتوحات، ونتبيّن فداحة الخسران، معنى أن تفقد دولة تقيم حكم الله ونظام الإسلام في الأرض فيغيب فيها هذا الأثر.
إن تمكين الله لهذه الأمة آت لا محالة لكن لمن يستحقّ النّصر. وهي العقيدة الإسلاميّة التي صنعت قادة الأمس فلم يرضوا الذّلة وثبتوا على الحقّ ولم يهنوا ولم يستكينوا وجاهدوا في الله حق جهاده لإعلاء كلمته وأخلصوا له سبحانه فحقّ عليهم قوله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
يقول الشاعر:
ملَكْنا هذه الدنيا قروناً **** وأخضعَها جدودٌ خالدونا
وسطّرنا صحائفَ من ضياءٍ **** فما نسيَ الزمانُ ولا نسينا
ونقول إنّنا لن ننسى تاريخنا المشرق وما زلنا نسطّر صحائف منيرة مشرّفة، وكما تسابق أسلافنا في الماضي لنيل شرف بشارة فتح القسطنطينيّة، فإنّ أحفاد الفاتحين يصلون ليلهم بنهارهم لتحقيق وعد ربّهم سبحانه وبشرى نبيّهم r بإقامة الخلافة الرّاشدة الثانية على منهاج النبوّة وعازمون على فتح روميّة للفوز بالجزء الثاني من البشارة، فعن عبد الله بن عمرو قال: بينما نَحنُ حولَ رسولِ اللَّهِ r نَكْتبُ إذ سُئِلَ رسولُ اللَّهِ: أيُّ المدينَتينِ تُفتَحُ أوَّلاً: قُسطنطينيَّةُ أو روميَّةُ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ: «مدينةُ هرقلَ تُفتَحُ أوَّلاً يَعني قُسطَنطينيَّة» [ أخرجه أحمد شاكر وأخرجه أحمد واللفظ له وإسناده صحيح، وابن أبي عاصم في “الأوائل”، والدارمي ] .
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش
#فتح_القسطنطينية