خبر وتعليق الخلافة هي الحل لأزمة اللاجئين في قيرغيزستان وبقية العالم الإسلامي
أفاد مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية في الأسبوع الماضي أنّه قد نزح حوالي 400،000 شخص جراء الاضطرابات في قيرغيزستان، وقدر المكتب بأنّ 100,000 لاجئ يعيشون حالياً في مخيمات في أوزبكستان المجاورة.
ما يُشاع حالياً حول المأساة الإنسانية المروعة في قيرغيزستان أنّها نتيجة للنزاع العرقي بين القرغيز والأوزبيك، لكنّ هذه الاضطرابات لا تخرج عن كونها نتيجة لاحتدام الصراع بين روسيا وأمريكا من أجل السيطرة على قيرغيزستان. فروسيا تريد من أمريكا الخروج من فنائها الخلفي، أو بمعنى أخر روسيا تريد الاحتفاظ بالفضاء السوفيتي السابق. بينما أميركا تريد التحريض على روسيا في منطقة البلقان بتأجيج المعارضة على النفوذ الروسي في المنطقة، وذلك بإشعال النزاعات العرقية، وزعزعة استقرار البلدان، لتمتد بعدها من القوقاز إلى آسيا الوسطى.
والكارثة أنّ الضحية مرة أخرى هم المسلمون. ففي المرة الأخيرة كانت روسيا – وهي القوة التي كانت تحرك مجموعة دول الاتحاد السوفيتي- بصراعها مع أمريكا قد خلفت حوالي 2 مليون لاجئ أفغاني من المسلمين في باكستان.
يمكن القول بأنّ العالم الإسلامي مليء بأزمات التهجير وأزمات اللاجئين. وكل هذه الأزمات نتيجة إما للسياسة الخارجية للولايات المتحدة أو للتنافس بين القوى الاستعمارية الكبرى التي حولت حكام العالم إلى وكلاء عنها، يتنافسون للسيطرة على ثروات العالم الإسلامي الضخمة لصالح أسيادهم. فتعطش أميركا للنفط العراقي وغزوه لاحقاً في عام 1990، ومن ثم غزوه مرة ثانية في عام 2003 أدى ذلك إلى نزوح عدد كبير من العراقيين، حتى أصبح الكثير منهم يعيش في مخيمات مؤقتة في البلدان المجاورة. وكذلك الأمر فإنّ جهود الولايات المتحدة لتحويل أفغانستان إلى ممر لثروات آسيا الوسطى انتهت بغزو أفغانستان في عام 2001، وتمخض ذلك عن تهجير عدد كبير من الأفغان من وطنهم إلى إيران وباكستان. فباكستان الآن تعاني من مشكلة اللاجئين الأفغان بوقوفها إلى جانب الولايات المتحدة مما خلق أكبر تشريد شهده التاريخ الحديث. فمن خلال تعاون الحكومة والجيش الباكستاني مع أمريكا أصبح هناك 3 ملايين نازح داخل باكستان من المشردين من منطقة القبائل الباكستانية.
والمصيبة أنّه بعد حصول أزمات للاجئين في العالم الإسلامي فإنّ القوى الاستعمارية غالباً ما تستخدم الأمم المتحدة لتحويل الأزمات المؤقتة إلى جروح دائمة لا تتوقف عن النزيف، ولا يمكن علاجها. ففي كثير من الحالات تتظاهر القوى الاستعمارية بمعالجة أزمات اللاجئين للحفاظ على مصالحها الخاصة. فقد استخدم الغرب قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 لإلهاء المنطقة برمتها بهذه المسألة، حتى أصبحت هذه المنطقة تعتمد على الدوام على الرعاية الغربية من أجل حل هذه القضية.
وفي أعقاب حرب الخليج الأولى، استغلت أمريكا تهجير الأكراد والشيعة في الجنوب للعمل على تنفيذ خطتها طويلة الأمد التي تهدف إلى تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات مستقلة تحت ذريعة حماية لاجئي الجنوب من صدام.
وفي الوقت الحالي فإنّه لا يوجد فترة تهدئة لأزمة اللاجئين في العالم الإسلامي، بل الأزمة ازدادت سوءاً. فالعديد من السياسيين الأميركيين والمفكرين لديهم خطط لاستغلال الانقسامات الدينية والخلافات الطائفية والتوترات بين الطوائف العرقية لرسم خريطة جديدة للعالم الإسلامي، وإقامة نظام سياسي جديد يخدم المصالح الأميركية على نحو أفضل. فقد دعا بريجنسكي مستشار الأمن القومي السابق للرئيس كارتر إلى “بلقنة” العالم الإسلامي باعتباره بوتقة للتغيير والاستقرار والذي يستحق قيادة أميركا.
إن أراد المسلمون أن يكونوا في مأمن من تشريدهم وطرد إخوانهم وأخواتهم فإنّه يجب عليهم التخلي عن محاولة حل هذه المشاكل في إطار النظام الدولي الحالي. ويجب أن نسعى إلى إقامة نموذج بديل يحفظ حياة المسلمين، وشرفهم، ودماءهم، وأملاكهم ودينهم. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا وضع المسلمون خلافاتهم جانباً وعملوا لإعادة إقامة دولة الخلافة. حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به”.
عابد مصطفى