Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة التاسعة والثلاثون

 
 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

الحلقة التاسعة والثلاثون

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: “الثبات على الحق أثناء حمل الدعوة”. وحديثنا عن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة، كنا قد تحدثنا عن أربعة عشر منها، ونواصل فنقول:

 

خامس عشر: السب: أخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فيغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال لي مثلها”. وأخرج البخاري ومسلم أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}. (الإسراء110) قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن، ومن أنزله ومن جاء به، فقال: الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}. (الإسراء110) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم {وابتغ بين ذلك سبيلا}. وأخرج أحمد في المسند، ورجاله ثقات، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ألم تروا كيف يصرف الله عني لعن قريش وشتمهم، يسبون مذمما، وأنا محمد”. وفي حديث ابن عباس المتفق عليه أيضا قال: لما نزلت آية {وأنذر عشيرتك الأقربين}. (الشعراء214) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف يا صباحاه، قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه فقال: “أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإنني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا؟ ثم قام، فنزلت سورة المسد: {تبت يدا أبي لهب وتب}”. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن منيب الأزدي، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول للناس:قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبه، حتى انتصف النهار، فأقبلت جارية بعس من ماء-أي قدح كبير- فغسل وجهه أو يديه وقال: يا بنية، لا تخشي على أبيك عيلة ولا ذلة، فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي جارية وضيئة”.

 

سادس عشر: التكذيب: أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه”. وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت…”. وقد مر في أسلوب الرمي بالحجارة من حديث طارق المحاربي رضي الله عنه أن أبا لهب كان يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ذي المجاز: لا تطيعوه فإنه كذاب … وهو حديث صححه ابن خزيمة وابن حبان.

 

سابع عشر: الدعاية المضادة: أخرج أحمد والطبراني بإسناد قال عنه الهيثمي: “رجاله رجال الصحيح” عن أم سلمة رضي الله عنها من حديث طويل قالت: “فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم، قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفونا. قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه الغد، فقال له: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت: فأرسل إليهم ليسألهم عنه، قالت: ولم ينزل بنا مثله قط، فاجتمع القوم، فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه ما قال الله، وما جاءنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن…”. وأخرج مسلم عن ابن عباس، أن ضمادا قدم مكة، وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون. الحديث. وأخرج ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة أتوه، فقالوا: نحن أهل السقاية والسدانة، وأنت سيد أهل يثرب، فنحن خير أم هذا الصنيبير المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا، فقال: أنتم خير منه. فنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن شانئك هو الأبتر}. ونزلت الآية: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا}.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

محمد أحمد النادي