مع الحديث الشريف
باب فضل من علم وعلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في “باب فضل من علمَ وعلَّم”.
حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا حماد بن أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه، ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به“.
هذا تشبيه ووصف لحال ثلاثة فئات من البشر، الفئة الأولى هي الأرقى فهي تمثل الإنسان الذي تعلّم العلم وعلّمه، وفي هذا خير كثير. والفئة الثانية تمثل الإنسان الذي نقل الفقه إلى من هو أفقه منه وفي هذا خير. أما الفئة الثالثة فتتمثل في الإنسان الذي لا يقبل على العلم ولا ينتفع به وليس في ذلك أي خير.
أيها المسلمون:
وفي هذا الحديث رسالة تدعونا إلى الإقبال على العلم الشرعي والانتفاع به لما في ذلك من أهمية في تحقيق أمر الدين، وما أحوجنا في هذا الزمان إلى التفقه في الدين كي تخرج الأمة من قمقم الذلة والهوان إلى بر الكرامة والعزة والهناء؟ وفي الحديث ذم واضح لمن قبل أن يعيش حياة هادئة بعيدة عن الآخرة وعن الفقه، ولا يشعر بدافع العمل لتغيير حال الأمة، فهذا الذي لا يمسك ماء ولا ينبت زرعا لا خير عنده كي ينقله، فطوبى لمن كان ممن قبل الماء وأنبت الزرع، فهؤلاء الذين جعلوا وقتهم وعقولهم وطاقاتهم وجهودهم في سبيل الله، في سبيل إعادة القرآن حكما بين الناس، في سبيل مرضاة الله، عرفوا طريق الحق فالتزموه.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم