Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – الحثالة قلة والصالحين كثر

 

مع الحديث الشريف

الحثالة قلة والصالحين كثر

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن مرادس الأسلمي رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏يذهب الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله باله‏”‏ ‏رواه البخاري‏.‏

 

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:

 

إن هذا الحديث الشريف يخبرنا بصنفين اثنين من الناس: الصالحين والحثالة. أما الصالحون فهم كثر ويكثرون بأمور عديدة أرشدنا إليها الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والحثالة هم قلة يظهرون متى قلّ الصالحون أو سكتوا عنهم.

 

أما من هم الصالحون، فهم الذين لم يقبلوا إلا بالإسلام ديناً والقرآن دستوراً والآخرة هدفاً يسعون إليه ويعملون من أجله، فحتى يكون المرء صالحاً في ميزان الشرع يجب عليه أن يلتزم بما شرعه الله سبحانه وتعالى، وأن يسير على خُطا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء لا يبقون أبد الدهر بل يتبدلون ويتغيرون حسب ما تقتضيه سنة الله في خلقه، فلكل زمان رجاله وبطانة صالحة وأصحاب لأولئك الرجال يكونون معهم ويساعدونهم في عملهم الذي فيه مرضاة لله عز وجل. أي إذا صلح الزمان كان أهله هم الظاهرون البارزون، أما إذا فسد الزمان كان حثالة الناس هم الظاهرون، وهذا لا يعني انعدام أهل الصلاح وانقطاعهم، بل إنما طغى السواد على البياض وفشى الفساد حتى غلب ظهور الشر على الخير، ونستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة“، فعلينا أن لا نقطع الأمل ونعمم الأحكام ونجعل ما نراه واقعاً يستحيل تغييره.

 

أما الحثالة فهم كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث، هم كالبقية من الشيء لا قيمة لها ولا أحد يكترث لها، هم من بقي من الدسم، هم سقط المتاع هذا واقعهم وحالهم. أمثال هؤلاء نراهم ونسمع عنهم في أيامنا هذه لسبب واحد، هو أن هذا الزمان زمانهم وهم رجاله، هؤلاء قلة قليلة والسواد الأعظم هو من الصالحين المصلحين في الأمة، هؤلاء من السهل تمييزهم ومعرفتهم، هم من المفسدين في الأرض المضلين للعباد المضلين لمن يستمع لهم ويتبعهم، هم من اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، ومنهم من باع دنياه بدنيا غيره، هؤلاء لا يسيرون على خُطا النبي عليه الصلاة والسلام ولا يسعون لتطبيق شريعة الإسلام، هؤلاء ومن سار على دربهم أعمارهم قصيرة. وهنا نستحضر قول المصطفى عليه الصلاة والسلام: “إن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة“.

 

فالله نسأل أن يقصر زمان الحثالة ويقلل عددهم ويجعل أثرهم ضئيلاً وفعلهم زائلاً، والله نسأل أن نكون من الصالحين السائرين على درب السلف الصالح الذين عملوا لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى ورفع كلمته عز وجل ونشر عدله، اللهم آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح