Take a fresh look at your lifestyle.

الرد على خطاب السيسي لتجديد الخطاب الديني

 

 

الرد على خطاب السيسي لتجديد الخطاب الديني

 

الخبر:

قال حاكم مصر عبد الفتاح السيسي خلال كلمة له أمام مؤتمر الأزهر العالمي الذي عقد يوم 2020/1/27: “لقد طالبت المؤسسات الدينية منذ عدة سنوات وفي مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف بأن تولي الأهمية القصوى لموضوع تجديد الخطاب الديني، من منطلق أن أي تقاعس أو تراخ عن الاهتمام بهذا الأمر من شأنه ترك الساحة لأدعياء العلم وأشباه العلماء من غير المتخصصين ليخطفوا عقول الشباب ويزينوا لهم استباحة القتل والنهب والاعتداء على الأموال والأعراض ويدلسوا عليهم أحكام الشريعة السمحة وينقلوا لهم الفهم الخاطئ المنحرف في تفسير القرآن، والتشويه المتعمد للسنة المطهرة، ومن ثم جاء انعقاد هذا المؤتمر بهذه النخبة المختارة من كبار العلماء وممثلي المؤسسات الدينية من الوزراء والمفتين والمستشارين الدينيين من 41 دولة”.

 

التعليق:

إن السيسي يطالب بتجديد الخطاب لئلا تخطف عقول الشباب وتزين لها استباحة القتل والنهب والاعتداء على الأموال والأعراض. ولكن نسأل السيسي من أفتى له باستباحة القتل عندما قام بانقلابه غير المشروع عام 2013 وقتل الآلاف من المحتجين في الميادين العامة؟ أليس هو الذي بدأ القتل أول مرة؟ ومن سجن عشرات الآلاف الذين ما زالوا يقبعون في السجون وأعدم العديد منهم وعذب الكثير منهم على أيدي جلاوزته المجرمين؟! والآن يطالب العلماء أن يفتوا له كما ذكر تحت مسمى تجديد الخطاب الديني حتى يضبط الناس الذين يتربصون به لينقضوا عليه وعلى النظام الاستبدادي الذي يديره فينتقمون منه وممن معه من المجرمين! وكأن السيسي يعيش في رعب خوفا من عقاب الشعب له.

ويريد من العلماء أن يصبغوا الشرعية على نظامه الذي يخالف الإسلام في محاولة لمنع الناس من العمل على إسقاط هذا النظام الجائر الذي لا يطبق شرع الله.

وقال السيسي: “إننا حين نطالبكم بتجديد الخطاب الديني فإن ذاكرتنا تعي وتستوعب نهج النبي الكريم e في هذا الإطار، مؤكدا أن التجديد الذي نتطلع إليه ليس هو التجديد في ثوابت الدين، ولا في العقيدة أو غيرها من الأحكام، التي اتفق أئمة الدين على إثباتها، فلا يوجد مسلم يؤمن بالله وكتبه ورسله يطلب تحليل الحرام أو إباحة الكبائر أو أي تشريع جديد يعارض القرآن والسنة الصحيحة أو يصدم المقاصد العليا للشريعة. إن التجديد الذي ننتظره هو التجديد في فقه المعاملات في مجالات الحياة العملية ونحن متفقون على أن كثيرا من أحكام هذا الفقه تغيرت من جيل إلى جيل على مدى عشرة قرون على الأقل”.

إن كلامه غريب متناقض إلى أبعد الحدود إذ إن نهجه يخالف نهج النبي الكريم e. فنظام السيسي لا يطبق القرآن ولا السنة النبوية المطهرة، لا في نظام الحكم، ولا في النظام الاقتصادي ولا في النظام الاجتماعي ولا في سياسة التعليم ولا في السياسة الداخلية أو الخارجية ولا في العقوبات. فهو نظام جمهوري ديمقراطي غربي وليس نظام خلافة، وهو يطبق النظام الرأسمالي في الاقتصاد فلا يوزع الثروات على الناس ولا يؤمن لهم الأساسيات والضروريات ولا يوجد لهم فرص العمل، وهو نظام خاضع لصندوق النقد الدولي الاستعماري ويبيح الربا الذي هو من أكبر الكبائر، وهو يبيح السفور والتعري للنساء وهو من الكبائر، ويبيح الاختلاط والملاهي الليلية والخمور، ويشيع الفاحشة في الذين آمنوا عن طريق وسائل إعلامه الفاسدة، وهو يطلق الحريات العامة التي انبثقت عن وجهة النظر الغربية القائلة بفصل الدين عن الحياة، وسياسة التعليم ليست قائمة على وجهة النظر الإسلامية ولا تهدف لبناء الشخصية الإسلامية بل هي حسب وجهة النظر الغربية التي توجد شخصيات منحرفة ومتناقضة ومعقدة، ولا يطبق العقوبات في الإسلام، وهو مرتبط بأمريكا في السياسة الخارجية ويخدم كيان يهود، ويتخذ الكفار من يهود ونصارى ومشركين أولياء من دون المؤمنين وهو من أكبر الكبائر.

فقد خالف السيسي ونظامه الثوابت في الدين والأحكام التي اتفق عليها أئمة الدين، فماذا يطلب من التجديد في فقه المعاملات، وقد أباح كل محرم في هذا الفقه أو عطل كل فرض فيه؟ فالأنظمة الإسلامية كلها من فقه المعاملات وهو يخالفها كلها، فماذا يريد؟ هل يريد فتوى من العلماء بأن يعتبروا النظام المصري المأخوذ عن الأنظمة الغربية نظاما إسلاميا وبذلك تعتبر كل الأنظمة الغربية هي أنظمة إسلامية أو أنها لا تخالف الإسلام وبذلك يذوب الإسلام في منظومة الغرب الذي تعمل على تدمير الإسلام؟! إذ قام الغرب بالحرب على الإسلام على عدة جبهات: فهناك جبهة الهجوم المباشر على أحكام الإسلام وتشويهه ووصفه بالإرهاب، وهناك جبهة العمل على احتواء الإسلام وإذابته في منظومته بتحريف أحكامه والقول بأن أنظمته الغربية من جمهورية وديمقراطية وحريات عامة وحقوق إنسان وحقوق المرأة والنظام الاقتصادي كلها لا تخالف الإسلام، وهناك الجبهة السياسية بفرض النفوذ السياسي على البلاد الإسلامية والتحكم في مصير المسلمين وربط الأنظمة به وتجنيد العملاء في مختلف المجالات، وهناك الجبهة العسكرية بالتدخل العسكري المباشر كما حصل في أفغانستان والعراق وسوريا والصومال أو القيام بشن هجمات عسكرية وإقامة القواعد العسكرية للاستعمار حيث سمح نظام السيسي بإقامة قواعد أمريكية وأيد الهجمات الأمريكية على البلاد الإسلامية وشارك في التحالف الدولي الأمريكي لمحاربة المسلمين في سوريا والعراق، وهو يعترف باحتلال يهود لثمانين بالمئة من فلسطين ويقيم علاقات دبلوماسية مع كيانهم.

فإن ما يريده السيسي من تجديد الخطاب الديني ليس الاجتهاد الشرعي، إذ إن باب الاجتهاد في الإسلام مفتوح إلى يوم القيامة، ولكنه مفتوح للعلماء الأتقياء القادرين عليه الملتزمين بأصوله وشروطه، وليس لعلماء السلاطين الذين يدلسون على الناس ويفتون للسيسي وغيره من الحكام لتمرير سياساتهم الفاسدة وتبرير مخالفتهم للإسلام والتغطية على خياناتهم وظلمهم وتقصيرهم في رعاية الناس ونهب أموالهم والتعدي على أعراضهم وكرماتهم.

وفي ختام كلمته التي ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قال السيسي “إنني أؤكد مرة أخرى ضرورة موضوع التجديد لإنقاذ الإسلام والمسلمين”. فهل يريد السيسي إنقاذ الإسلام والمسلمين وهو ونظامه على هذه الحالة التي ذكرناها ويدركها الناس وقد ثاروا على هذا النظام وثورتهم لم تنته بعد؟! فإذا أراد السيسي إنقاذ الإسلام والمسلمين على حد تعبيره فليسلم الحكم للقيادة الإسلامية السياسية الواعية، إلى حزب التحرير، الذي وضح فقه المعاملات في الإسلام فوضح كافة الأنظمة الإسلامية وكيفية تطبيقها في هذا العصر، فهي تقنع عقول الشباب والناس جميعا بصحتها، وتملأ قلوبهم طمأنينة، وتوجد لهم الأمن والأمان والاستقرار وتسعدهم في الدنيا والآخرة.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور

 

2020_02_01_TLK_1_OK.pdf