خبر وتعليق – وفي وسط ظلام فيضانات باكستان الدامس شيء من النور
لقد ضربت باكستان فيضانات من أعنف الفيضانات في التاريخ، فبحسب الإحصائيات فإنّ أكثر من 20 مليون نسمة تضرروا من الفيضانات، وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن أكثر من 1500 إنسانا ماتوا في الفيضانات، بالرغم من أنّ الأرقام الحقيقية هي بالآلاف، والعديد من المناطق ما زالت منعزلة عن المدن الرئيسية، والسبيل الوحيد للوصول إليهم هو عبر الجو فقط.
إنّ أقل ما تُوصف به ردود فعل الحكام بأنّها “مقززة” أو رش للملح على الجرح، فالسيد زارداري وهو من عُرف بالسيد 10% لفساده، ذهب بعيداً في رحلة إلى بريطانيا وفرنسا لقضاء عطلته الصيفية، تاركاً وراءه البلد تغرق بالماء. وقد استقبل في بريطانيا بمسيرة غاضبة نظمها حزب التحرير، كما استقبله بعض أعضاء حزبه بالأحذية، وهو ما أنكرته الحكومة وحزبه في بادئ الأمر، ولكن سرعان ما أعلنت أن الذي ضربوه بالأحذية كانوا من حزب التحرير ممن يأتمرون من قبل قادة حزب نواز شريف، وهو ما يعد اتهاماً أسخف من رئاسة زارداري نفسها! فلما عُقد لقاء على التلفزيون مع الشخص الذي ضرب زارداري بالحذاء قال بأنّه كان من حزب الشعب الباكستاني.
أما ردود فعل رئيس الوزراء فلم تكن بأحسن حالاً، فقد ظهر على وسائل الإعلام بينما كان في زيارة تفقدية لمخيمات اللاجئين، ينظر إلى اليسار واليمين والأمام، وسرعان ما تبين للإعلام بأنّ تلك المخيمات كانت وهمية وليست حقيقية! فقد تبين أنّ المخيمات قد تم ترتيبها لأغراض أخذ الصور لتضليل الناس عن حقيقة رئيس الوزراء، كي يبدو بأنّه مهتم بأمور الناس. أما بالنسبة لردود فعل حكام الأقاليم ووزرائها فقد انشغلوا في حماية أراضيهم ومصانعهم بتحويل مجرى مياه الفيضانات نحو مناطق سكن الفقراء وأراضيهم.
وأكثر من ذلك فقد استغلت الحكومة هذه الكارثة لجني مزيد من المال، فقد رفض رئيس الوزراء اليوم تشكيل لجنة مستقلة للمساعدات من أجل ضمان شفافية التوزيع، وقد تقدمت الحكومة بطلب مساعدات قدرها 15 مليار دولار على غرار مشروع مارشال. وهكذا فإنّ هَمّ هؤلاء الحكام كلما زادت الكوارث هو زيادة الأموال التي ستدفق إلى جيوبهم.
ولكن أخطر ما في الأمر هو استغلال أمريكا للوضع لتقوية وجودها في المنطقة وخصوصا في باكستان، فقد أرسلت أمريكا 1000 جندي من قوات المارينز تحت ذريعة مساعدة المتضررين من الفيضانات، والسؤال الذي يُسأل هنا: لماذا نحن بحاجة لألف جندي بينما نمتلك أكثر من نصف مليون جندي؟ ولا تجد من يجيب على أبسط التساؤلات، من مثل لماذا لا تسحب باكستان جنودها من منطقة القبائل ممن يخوضون معركة بالنيابة عن أمريكا ضد ما يسمونه الإرهاب لاستخدامهم في أغراض إغاثية؟ والأمر من ذلك هو الخبر الذي صدر عن وزير الصحة الذي قال بأنّ قاعدة شهباز الجوية الواقعة في منطقة يعقوب أباد تخضع لسيطرة أمريكا ولا يُسمح باستخدامها لأغراض إغاثية، ما أدى إلى حرمان أكثر من 700,000 من تصل إليهم المساعدات الإغاثية على قلتها.
ولكن، الحمد لله فإنّ من بين هذا الظلام في الوضع المأساوي في باكستان شيء من النور، فقد أدركت الأمة والإعلام على أنّ هذه الكارثة امتحان من الله سبحانه وتعالى، وقد أصبحت ترى الخيم في جميع أنحاء المدن الرئيسية تجمع المساعدات من طعام وملابس وأدوات طبخ وأدوية بعد أن فقد الناس الثقة في الحكومة فأخذوا على عاتقهم إرسال المساعدات بأنفسهم أو تسليمها لجمعيات ذات ثقة. كما أصبحت المساعدات الاغاثية تتدفق من البلدان الإسلامية، فبحسب بعض التقارير الإعلامية فقد تم جمع أكثر من 1,2 مليار دولار في يوم واحد في بلاد الحجاز، وهذا يعدل تقريبا ضعف المساعدات التي أعلنت أمريكا أنها قدمتها، 700 مليون.
وقد كشفت هذه الفيضانات عن شرور الحكام وأسيادهم الأمريكان، وفي نفس الوقت كشفت عن الخير الكامن في الأمة، فهؤلاء المسلمون هم أنفسهم الذين أغاثوا إخوانهم الذين تعرضوا للزلزال عام 2005، وها هم يعيدون الكرة مرة ثانية بالرغم من الضائقة الاقتصادية التي يعيشونها.
إنّ هؤلاء الحكام لا مكان لهم في هذا العالم عوضاً على أنّه لا مكان لعروشهم المتمسكين بها، وقد أزفت ساعة حسابهم ورحيلهم بإذن الله سبحانه وتعالى.
نتوجه إلى المسلمين في جميع أنحاء العالم للتبرع لإخوانهم المحتاجين لهم في هذه الساعة في باكستان، كان الله في عون المسلمين وحمانا جميعا من كل سوء.
نفيذ بوت
الناطق الرسمي لحزب التحرير في باكستان