منارات على طريق الدعوة -ح7- ليس الايمان بالتمني
يقول الإمام حسن البصري رضي الله عنه : ” ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر بالنفس وصدقه العمل )
إن الناظر للسيرة النبوية وما نزل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من أوامر ، يجد أن الكثير من الآيات أمرت بالعمل ، كقوله تعالى : ” يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر * قُمْ فَأَنْذِرْ” (المدثر1-2) فلم تكن الرسالة الإلاهية مقتصرة على معرفة الله والإقرار بألوهيته ، لا ما ان نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قام ودعا أصحابه للإيمان به وما أن آمن الصحابة حتى قاموا بمصارعة الكفر وأهله مصارعة فكرية وسياسية رغم قلة عددهم ، وثبتوا وصبروا وصمدوا في هذا الكفاح حتى كان نصر الله .
فلم يكن القرآن عندهم لحفظه بالصدور أو قراءة أناء الليل واطراف النهار وحسب ، بل كانوا يأخذون العشر ايات من القران فيفهمونها ويعملون بما فيها ثم ينتقلون الى عشر ايات اخر وهكذا .
فصدقوا النية وأحسنوا العمل ، فاستحقوا رضا الله عنهم ، هكذا فهم الصحابة الايمان وربطه بالعمل ، وهذا ما تعلموه من رسولهم الكريم فنهضوا وشادوا دولة الاسلام التي كانت الدولة الاولى في العالم مدى قرون عديدة . اخذ الصحابة الايمان كما ينبغي وقرنوه بالعمل فافلحوا ونصروا، دوما وهكذا يجب أن يكون حامل الدعوة ، طاقة متحركة وقوة مزمجرة في وجوه الفساد والفاسدين والكفر والكفار، وأن يخلص هذه الأمة من وهنها الذي وصلت إليه نتيجة تركها للعمل .
وعلى حامل الدعوة ان يغذ السير فعودة الاسلام اليوم باتت سهلة، فلم تعد تقف في وجهها افكار واراء ذات شأن، فالحكام تعروا في وجه الأمة وباتت عروشهم أوهن من بيت العنكبوت ، فنتن خيانتهم قد فاح وشاهت وجوههم فلم يبق الا حركة يسيرة وعمل قليل للاطاحة بكل هؤلاء وقلعهم وطمس مخلفاتهم
فالعمل العمل يا حملة الدعوة ، اضربوا ضربتكم والله جل جلاله وعدكم وعدا حقا فقال” إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ” (سورة محمد الآية 7) فما عليكم الا نصر الله والتزام احكام دينه، وان تقرنوا الايمان بالاعمال، فالى الاعمال ونخص بالذكر منها اعلاها وهو العمل للتغيير وضرب الحكام العملاء واقامة الخلافة ، والله ناصركم بنصره العزيز .
وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ