Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الخداع الإيراني الأمريكي

 

في مقابلة مع شبكة ايه بي سي الأحد 19/9/2010، قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد: “إذا كانت الإدارة الأمريكية ترغب حقا في تغيير سياستها في أفغانستان والعراق والتحرك في الاتجاه الذي يخدم مصلحة شعبي هذين البلدين فنحن مستعدون دائما للتعاون كما أننا مستعدون الآن”.

 

إنّ عرض إيران على أمريكا مساعدتها في أفغانستان يأتي في توقيت هام بالنسبة لإدارة أوباما حيث القوات المسلحة الأميركية منهكة في أفغانستان، وحلف شمال الأطلسي متردد جداً في المساهمة بمزيد من القوات، والجيش الباكستاني غارق في أزمة الفيضانات.

 

ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح، لماذا تريد طهران تطوير التعاون بينهما مع أنّ يبدو على جهود الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة أنها تتجه نحو فرض عقوبات جديدة ضد إيران؟ وبنفس القدر من الحيرة لماذا تعرض طهران مساعدة الولايات المتحدة في استقرار العراق؟

 

للوهلة الأولى قد يعتقد المرء بأنّ عدم الاستقرار في العراق وعجز أميركا في الفت في عضد المقاومة العراقية يناسب طهران، ولكن العكس هو الصحيح. فقد ظهر أحمدي نجاد خلال المقابلة حريصاً جدا على مناقشة البرنامج النووي الإيراني مع دول P5 زائد واحد، وهو منتدى التفاوض الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا، وقال “أعتقد أنّه سيكون لدينا خطة لمناقشة الأمور”، على الرغم من أنّ مجموعة P5 زائد واحد، هي مجموعة معروفة لدى إيران، فهي مجموعة ترى أنّه يجب على إيران التراجع عن طموحاتها النووية وفتح أبوابها أمام المراقبين الأجانب، فعلى الرغم من هذه الظروف القاسية فإنّ القيادة الإيرانية لا تزال مصرة على إشراك P5!

 

فلماذا تريد إيران تبديد مكاسبها، وعدم استغلال المأزق الأميركي في العراق وأفغانستان؟ ولماذا تريد التعامل مع P5 للتخلي عن برنامجها النووي؟ كيف يمكن تفسير مثل هذه المبادرات؟

 

إذا اتفقنا على المبدأ القائل بأنّ الخداع هو أداة أساسية تستخدمها الدول لتأمين مصالحهم، حينها يمكن تفسير التناقضات الموجودة في سلوك إيران بسهولة.

 

فعلى مدى السنوات الخمس الماضية كانت الطبيعة العدوانية للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تخدم أهدافا أمريكية، فكان الشجار حول برنامج إيران النووي وسيادة أحمدي نجاد محور النزاع، فالخطاب الناري الذي كانت تستخدمه واشنطن وطهران بالتنسيق فيما بينهما بسرية بين البلدين أدى إلى تعزيز وجود أمريكا في المنطقة. فإحلال السلام في العراق وغرب أفغانستان، وترتيبات أمنية جديدة مع دول الخليج، ومبيعات الأسلحة للشركات العسكرية الأميركية المتعثرة إلى “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية، ونشر الدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا، هي بعض الفوائد التي عادت على صنّاع سياسة الولايات المتحدة من خلال شبكة من الأكاذيب لإخفاء العلاقات بين أميركا وإيران.

 

ولكن مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق لتعزيز حظوظ الحزب الديمقراطي الضعيف في أمريكا، والمقاومة القوية التي تواجهها أمريكا في أفغانستان، فإنّ طهران هي البديل الأكثر ثقة في المنطقة لمتابعة ودعم المساعي الأمريكية للسيطرة على المقاومة التصاعدية في كل من البلدين. هذا هو السبب وراء مناورة أحمدي نجاد لتقديم الدعم الكامل لأمريكا.

 

ولكي تستفيد أمريكا بشكل كامل من دعم إيران لها في المنطقة، فإنّ على إدارة أوباما أن تبدد مخاوف “إسرائيل” بشأن برنامج إيران النووي للحد من الجهود “الإسرائيلية” لمهاجمة إيران. فأميركا في الماضي لم تقبل من “إسرائيل” مهاجمة إيران، حيث فضحت أمر “إسرائيل” في التدريبات الجوية فوق البحر المتوسط قبل بضعة أشهر، ورفضت بيعها القنابل الخارقة للتحصينات GBU-29، ولا تزال الولايات المتحدة تحاول كبح جماح “إسرائيل” وتعمل على إيجاد حل ودي للبرنامج النووي الإيراني كي يكون مقبولا لجميع الأطراف، وخلافاً لما تطمح إليه “إسرائيل” بتحريض من الأوروبيين فإنّ أمريكا لا تريد إضعاف إيران بالسماح بتوجيه ضربة عسكرية لها لأنّ ذلك يضر بالمصالح الأميركية.

 

إنّ رغبة طهران في استئناف المفاوضات هي وسيلة لمساعدة الولايات المتحدة على انتشال نفسها من المستنقع النووي الإيراني، وخطابات أحمدي نجاد التي تتعلق بتبديد مخاوف شعوب المنطقة هي خطابات شريرة، الغاية منها خداع الأمة الإسلامية للحيلولة دون عودة الخلافة، وتعزيز الهيمنة الأمريكية في المنطقة.

 

20/9/2010

عابد مصطفى