خبر وتعليق المفاوضون يقرّون بوصف حزب التحرير لمشروع السلطة
نقلت وكالة سما الإخبارية عن عضو الوفد الفلسطيني المفاوض محمد اشتية، أنه أفاد: “لسنا سلطة ونقدم خدمات بلدية فقط”، وقال “لذلك فالأفضل لنا أن يتسلمها الإسرائيليون على أن نظل ندير سلطة بلدية”.
وفي سياق متصل، نقلت جريدة القدس عن نبيل شعث إقراره بأن “الاتفاقات السابقة خلقت ولاية للسلطة على السكان وليس سيادة على الأرض، واليوم تتراجع حتى الولاية فما بالك بالسيادة!”، وأكد أن المفاوضات لم تقرب الفلسطينيين من الدولة بل تراجعت معها مكانة السلطة، وقال بلغة فيها الكثير من الإحباط واليأس: “هذا سخيف، فلماذا نريد هذه العملية السياسية التي لا تقودنا إلى أي مكان؟”
***
هل دقت ساعة الحقيقة المرة أمام قادة المسيرة التفاوضية ؟ وأدركوا بالتجربة العملية ما قررته القراءة السياسية الواعية لمجريات العملية السياسية منذ بدايتها !
لقد أطلق حزب التحرير في فلسطين وصف البلدية الكبيرة على مشروع السلطة الفلسطينية منذ زمن، وكابر من كابر، واغترّت القيادات بالألقاب من وزير ورئيس وزراء ورئيس دولة، ثم
جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا
بل وتجبروا على الناس بأجهزة أمنية بطشت بالعباد وحرّست محتل البلاد، حتى جاء اليوم الذي تبيّن لهم فيه أن تلك الرؤى الحاملة لم تكن إلا كوابيس، وأن وهم السلطة والدولة ليس إلا بلدية تستعطي الأموال من المانحين، وبالتالي تعفي الاحتلال من مسؤولياته، وتجعله أرخص احتلال في التاريخ، وفي التوازي مع ذلك أوجدت أسبقية تاريخية، في تحول حركة للتحرر من الاحتلال إلى مشروع يلتزم بحراسة أمنه.
إنه قول شعث أن العملية السياسية لا تقودنا إلى أي مكان، هو قول خاطئ، لأن هذه العملية قد قادتهم بالفعل إلى هذا الواقع المخزي بعدما حولت المناضلين إلى حراس في أجهزة أمنية، ونصبت ملوك الطوائف في الضفة الغربية وغزة، الذين فرحوا ب”ألفاظ مملكة في غير موضوعها”، فقبلوا الذل والهوان، وقدّموا التنازلات تلو التنازلات.
إن هذا الإقرار يعني بلا شك أن قادة هذه المسيرة السلمية قد أجرموا بحق قضية فلسطين، وأن القضية قد أسندت من قبل الأنظمة العربية لمن فرّط فيها.
وإن أي إصرار على مسارات التفافية مع الاستمرار في النهج السياسي نفسه، هو استمرار في التضليل وهو جريمة جديدة بحق الأرض وأهلها، ولذلك حق على قادة منظمة التحرير أن يقدموا استقالات جماعية من العمل السياسي، وأن يعترفوا أمام الأمة أنهم قد خذلوا القضية، لعل مواجهة ساعة الحقيقة هذه تخفف من عقابهم في الآخرة ومن خزيهم في الدنيا.
وآن للأمة أن تستعيد الإمساك بزمام القضية، وأن توليها من يستحقها ومن يدرك -قولا وفعلا- معنى التحرر الحقيقي وخلع الاحتلال من جذوره، ومن يرفض أي شكل من أشكال التعايش معه، حتى ولو تسلط على بلدة صغيرة في أدنى الأرض.
الدكتور ماهر الجعبري