خبر وتعليق التقشف في ايرلندا
في 24/11/2010 اعلن عن خطط للتقشف في ايرلندا، وتقتضي هذه الخطط رفع الضرائب منها الضريبة الاضافية وضريبة الدخل، وسن ضرائب جديدة على الملكية، وتقليص الانفاق العام، وخفض النفقات على المساعدات الاجتماعية، وخفض الحد الادنى للأجور بمعدل يورو واحد للساعة الواحدة، وكذلك تسريح 25 ألف موظف من القطاع العام. واعلن ان الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي سيقدمان قروضا الى ايرلندا بمبلغ 85 مليار يورو، اي ما يعادل 113 مليار دولار. وقد اعلن ايضا عن خطط تقشف في البرتغال لمواجهة العجز في الميزانية. وذكر ان اسبانيا على وشك ان تتخذ ايضا خططا مماثلة للتقشف. وقد سيرت تظاهرات واحتجاجات في كل من ايرلندا والبرتغال بسبب هذه الخطط.
التعليق: نريد ان نبين الحقائق التالية حول هذا الخبر:
1.ان هذه الخطط تدل على عمق الأزمة المالية في العالم ومنه الاتحاد الاوروبي. فأمس كانت اليونان قد اتخذت خططا للتقشف واليوم ايرلندا والبرتغال وغدا اسبانيا وبعد غد دول اوروبية اخرى. وذلك بسبب فساد النظام الرأسمالي الذي يعيش في ازمات دائمية، ومن فترة الى فترة تحصل ازمات كبيرة كالازمة الحالية التي تفجرت عام 2008 وما زالت مستمرة، فتضرب اقتصاد الدول في العالم بسبب اعتمادها هذا النظام. فاعتماد العملة الورقية وكثرة طباعتها وضخها في الشركات والبنوك وهو ما يعرف بسياسة ضخ الاموال، والتضخم الناجم عن ذلك، ونظام الشركات المساهمة، وسوق الاسهم المالية (البورصة) والمضاربات فيها ونظام الفائدة الربوية والقروض وانظمة المدينات والمبيعات ونظام الضرائب المجحف وغير ذلك مما هو اساسي في النظام الرأسمالي تسبب الازمات المالية والاقتصادية وتزيد معدلات الفقر وعدد الفقراء والمحرومين في الدول الرأسمالية الغنية وفي كل دول العالم الذي يعاني اغلبها الفقر والحرمان بسبب هذا النظام الجائر.
2.ان هذه الخطط تتخذ على حساب عامة الناس الذين هم اما من متوسطي الحال واما هم فقراء. وتتخذ لصالح الاغنياء حيث تضخ الاموال القادمة من البنوك المركزية ومن صندوق النقد الدولي في البنوك والشركات الرأسمالية الكبرى لانقاذها. ومن ثم تجمع الاموال على شكل ضرائب متعددة الاشكال والاسماء من عامة الناس. وتخفض اجورهم والمساعدات لمحدودي الدخل منهم. وذلك لتوفير الاموال لسد العجز في الميزانية او تخفيضه الى نسبة معينة وكذلك لسد الديون للدائنين. وكل ذلك يدل على فساد النظام الرأسمالي الذي لا يعتمد الحل الصحيح وهو حل المشكلة بتوزيع الثروات على الناس وتمكين كل فرد من الحيازة منها واشباع الحاجيات الاساسية لكل فرد وكذلك الضرورية وتمكينه من الحصول على الحاجات الكمالية. بجانب الغاء انظمة النظام الرأسمالي التي تعرضنا اليها في النقطة الأولى والتي تسبب الازمات الاقتصادية والمالية.
3.تدل هذه الخطط على هشاشة اقتصاد الاتحاد الاوروبي، فاغلب دوله ضعيفة اقتصاديا، وهذا يؤثر على تطور الاتحاد ليصبح قوة عالمية مؤثرة. فكثير من الدول متضايقة من هذه الحالة ومتشككة من دوام الاتحاد ومتوجسة من انهياره. فانعدام الثقة في نجاح الاتحاد من الناحية الاقتصادية تؤدي الى انعدام الثقة في كيانه السياسي وتحقيق وحدة القرار السياسي الذي فشل الاتحاد الاوروبي حتى الآن في ايجاد آلية لتحقيقها.
4.الشعوب الاوربية لا تملك وسيلة للتغيير سوى التظاهرات للتنفيس عن الغضب الناجم عن الظلم الذي تتعرض له، ومن ثم بعد فترة يستيئس الناس من احداث اي تغيير في الواقع، ويبدأون بالفتور، وبعد ذلك تتوقف هذه التظاهرات، ومن ثم يدخلون في مرحلة التعود على حياة التقشف الجديدة. والدول الغربية تعرف ذلك فتسمح لهؤلاء الناس بالتظاهر مدعية ان لديها ديمقراطية وحرية تعبير عن الرأي والاحتجاج، وهي اي هذه الدول تعرف ان كل ذلك لا يأتي بشيئ جديد ولا يحدث تغييرا في انظمتها الجائرة التي تحافظ عليها وتدار من كبار اصحاب رؤوس الاموال، فهذه المظاهرات مضبوطة برجال الدولة وبقيودها، وهي خالية من اي فكر بديل، فهي لا تطرح اي فكر ولا اي حل، فعدمها خير من وجودها لانها تخدع الناس ولا تحقق لهم شيئا.
5.الشعوب الاوروبية لا تملك حلا بديلا لمشاكلها، فهي في حيرة من امرها، فهي ضد الحلول الرأسمالية ولكنها عاجزة عن تقديم البديل. ولا يوجد فيها من المفكرين من يطرح حلا بديلا. ولذلك وجب على الأمة الاسلامية ان تقيم دولتها التي تستند الى عقيدة الاسلام وينبع نظامها منها ومنه النظام الاقتصادي الذي يعالج كافة المشاكل الاقتصادية والمالية ويوزع الثروات بين الناس ويشبع الحاجات الاساسية والضرورية ويفتح لهم الباب لاشباع الحاجات الكمالية فينقذهم من تعاسة الدنيا وشقائها ويؤمن لهم السعادة في الدنيا والاخرة. قلنا بوجوب اقامة هذه الدولة وليس تقديم الحلول فقط للشعوب الاوروبية ولشعوب العالم باكمله، لقد قلنا ذلك لان الشعوب لا تريد نظريات ولا حتى افكارا مجردة، فهي تريد تطبيقا عمليا مجسما في الواقع حتى تدرك صحة الاسلام ولا يكون ذلك الا عن طريق الدولة. ومن المعلوم ان الاسلام ما انتشر بين الناس الا بعد رؤيتهم لتطبيقه في معترك الحياة عن طريق دولته التي طبقته على مدى ثلاثة عشر قرنا.
أحمد الخطيب
28/11/2010