كلمة أمير حزب التحرير في الذكرى السابعة والثمانين لهدم الخلافة من حزب التحرير إلى الحكام, ملوكاً ورؤساء وأمراء… في بلاد المسلمين, من أطراف المحيط الهادئ حيث إندونيسيا شرقاً, إلى شواطئ المحيط الأطلسي حيث المغرب غرباً
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد:
تعلمون أننا منذ زمن لم نرسل لكم وفداً أو نكتب لكم كتاباً نطلب فيه نصرتكم لإقامة دولة الخلافة الراشدة, وذلك لأننا سمعناكم سماع الأذن, ورأيناكم رأي العين, تضعون الخلافة وراء ظهوركم, وتعصون الأدلة الشرعية الصحيحة من كتاب الله سبحانه وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي توجب العمل لإقامة الخلافة, بل إنها فوق ذلك تجعل ميتة القاعد عن العمل لإيجاد الخليفة الذي يستحق البيعة في أعناق المسلمين, تجعل ميتة هذا القاعد ميتة جاهلية, وفق الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن عمر ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية للدلالة على عظم الإثم الذي يقع فيه القاعد عن ذلك العمل.
هذا بالنسبة للمسلم الفرد من أفراد الرعية.
أما بالنسبة للحاكم, فعذابه أشد وإثمه أعظم, فقد توعد الله سبحانه الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, ولا يعلن الخلافة, والحاكم الذي يقع في ما نهى الله عنه, ويوالي الكفار, ويلقي إليهم بالمودة, مبتغياً عندهم العزة, توعد الله أولئك الحكام وعيداً شديداً:
فالحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, وهو ينكر الإسلام, وصفته آيات الله بالكفر, قال سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة 44].
والحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, ولكنه لا ينكر الإسلام, فإن الآيات وصفته بالفسق والظلم. قال سبحانه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة 45], وقال سبحانه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة 47].
والحاكم الذي يقع فيما نهى الله عنه, ويوالي الكفار أعداء الإسلام والمسلمين, ويلقي إليهم بالمودة, مبتغياً عندهم العزة, أدخلته الآيات البينات في زمرة المنافقين الذين لهم عذاب أليم. قال سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) [الممتحنة 1], وقال سبحانه: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [النساء 138-139].
من أجل ذلك كله, وبسبب واقعكم المذكور, فقد كان لنا موقفٌ منكم كما تعلمون, حيث لم نرسل لكم وفداً منذ زمن, ولم نكتب لكم كتاباً نطلب فيه نصرتكم لإقامة الخلافة.
غير أن أمرين اشتد واقعهما في الآونة الأخيرة, وكبر حجمهما, قد دفعانا لاتخاذ موقف آخر, وهذان الأمران هما:
الأول: إقبال المسلمين على موضوع الخلافة إقبالاً لافتاً للنظر, فقد كانوا من قبل يقبلون بالعشرات أو المئات على محاضرات وندوات ومؤتمرات حزب التحرير التي يقيمها في موضوع الخلافة, وهم الآن يقبلون بالآلاف بل مئة ألف أو يزيدون, ما يدل على أن الخلافة أصبحت قضية المسلمين من الناحية العملية, وليس فقط من الناحية الفكرية.
والحاكم الذي يتفكر في هذا الأمر ويتدبره لا يسير عكس تيار المسلمين الحاشد تجاه الخلافة, العامل لإقامتها, والمؤيد لها.
الثاني: الاستراتيجية الجديدة للمنطقة الإسلامية التي وضعها الغرب, وبخاصة أميركا, حيث زرعُ القلاقل وتشجيعُ الانفصال ثم الغزو والعدوان, ومن ثَمَّ رسم مخططات جديدة لأنواع من الحكم, فدرالية أو كنفدرالية أو ذاتية…, ما يترتب عليه لفظُ حكامٍّ استنفدوا أدوارهم, فيكونون بذلك قد خسروا دنياهم بعد أن كانوا قد خسروا دينهم من قبلُ, لعدم حكمهم بما أنزل الله, ولموالاتهم لأعداء الله.
والحاكم الذي يتفكر في هذا الأمر ويتدبره سيجد فيه عبرة وأية عبرة.
هذان الأمران استوقفانا مليَّاً, ثم كان هذا الكتاب الذي نوجهه إليكم, علماً بأننا رأيناكم من حيث توصيلُ الكتاب إليكم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يحكم بلاداً إسلامية فيها مقومات الدولة, ويمكن لوفدنا أن يصل إليه, وإن كان بصعوبة. وهذا القسم نرسل كتابنا إليه يحمله وفدنا.
والقسم الثاني: يحكم بلاداً إسلامية فيها مقومات الدولة, ولكنه أحاط نفسه بأجهزة أمنية وزبانية شريرة, أَمَرَها أن تمنع عنه كلمة الحق, سواء أحملها إليه فرد أو وفد. وهذا القسم نرسل كتابنا إليه بوسيلة أخرى دون وفد.
والقسم الثالث: يحكم بلاداً إسلامية ليس فيها مقومات الدولة, بالإضافة إلى حكام آخرين لا جدوى من الاتصال بهم… وهذا القسم لسنا في عجلةٍ من أمرنا في إرسال الكتاب إليه.
هكذا رأيناكم أقساماً ثلاثة, وهكذا كان أمرُ توصيلِ الكتاب.
أيها الحكام في بلاد المسلمين.
قد تقولون ما الذي يُجَرِّئ حزب التحرير, فيقتحم علينا الأبواب, ويخاطبنا دون ألقاب, أفلا يعرف بطشنا ؟ ثم ألا يخشى على وفده أن لا يعود إليه سالماً؟
ونقول إننا خاطبناكم دون ألقاب لأننا لا نحب التكلف في الحديث ولا الزلفى في الخطاب. أما أننا لا نعرف بطشكم, بلى نعرفه, فقد أنبأنا به القوي العزيز الجبار (وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) [الشعراء 130], ولكننا نعلم أن بطش الله أشد وأنكى (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج 12]. أما عن خشيتنا على وفدنا, فإننا نؤمن بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة 51].
وقد تقولون إن هَمَّ حزب التحرير هو الاستيلاء على الحكم…
ونقول إن هَمَّنا هو استئناف الحياة الإسلامية في الأرض بإقامة دولة الخلافة الراشدة, وهو ما نذرنا أنفسنا إليه استجابة إلى أمر الله سبحانه وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), وليس همنا هو الوصول إلى الحكم, أيِّ حكم, بل هو لأداء فرض الخلافة العظيم. وهو ليس فقط فرضاً عظيماً علينا, بل هو على كل مسلم, وهو على الحاكم أشد وأعظم.
وقد تقولون إن حزب التحرير في مسعاه لإقامة الخلافة إنما يسعى إلى خيال, وقد تضيفون قائلين: وحتى لو فُرض جدلاً وأقيمت الخلافة, فإن الدول الكبرى ستطبق عليها, وتمحوها!!
ونحن نقول إن القائل بعدم إقامة الخلافة هو الساعي إلى خيال, أما إقامة الخلافة فهي حقيقة واقعة بإذن الله, تؤكدها حقائق أربع:
فأولاً : وعد من الله سبحانه للذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم. يقول سبحانه (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور 55].
وثانياً: بشرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد الملك الجبري الذي نحن فيه. يقول صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد من طريق حذيفة ابن اليمان: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ.
وثالثاً: أمة حية فاعلة, تُقبل على العمل لإقامة الخلافة, وعلى تأييد هذا العمل, إلى أن يتحقق وعد الله, ثم من بعدُ ترابط لحراسة الخلافة واحتضانها… حيث إن الأمة تتوجه بتسارع إلى سيرتها الأولى التي أخرجها الله لها. يقول سبحانه (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران 110].
ورابعاً: حزبٌ مخلص لله سبحانه, صادقٌ مع رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), يغذ السير, واصلاً ليله بنهاره, حتى يتحقق وعد الله وبشرى رسوله على يديه, لا يخشى في الله لومة لائم, لا تلين له قناة ولا تضعف له عزيمة بإذن الله, حتى يأتي أمر الله وهو كذلك. وكأنه مصداق قوله صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق ثوبان لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك….
إن أية واحدة من هذه الأربع كافية لتنطق بأن العمل للخلافة ليس خيالاً, فكيف بالأربع مجتمعة؟!
أما القول بأن الدول الكبرى ستُطبق على الخلافة وتمحوها لو قامت, فإن إدراك الوقائع الجارية يدفن هذا القول تحت التراب! فإذا كانت زعيمة الدول الكبرى, الولايات المتحدة الأمريكية, وأحلافها من هذه الدول, لم تستطع أن تستقر في العراق وأفغانستان أمام مقاومة أفراد من المسلمين لا يملكون عشر معشار القوة المادية لأولئك الأعداء, فضلاً عن أن هؤلاء الأفراد ليسوا دولة ذات مقومات محسوبة في العدد والعدة,
إذا كانت هذه الدول مع زعيمتها لم تستطع أن تستقر في العراق وأفغانستان أمام هؤلاء الأفراد المسلمين, فكيف ستستطيع أن تطبق على الخلافة وتمحوها؟! إلا أن يكون قائل هذا القول فاقداً للبصر والبصيرة لا يدرك عظمة الإسلام, وعظمة دولة الإسلام… ولا يدرك فقه آي الذكر الحكيم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد 7] ولا قول الله سبحانه (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر 51]… ولا يدرك كذلك فقه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أخرجه البخاري ومسلم, واللفظ للبخاري نصرت بالرعب مسيرة شهر… وهو كذلك لا يدرك حقائق التاريخ وأن الجيش الإسلامي بإذن الله لا يقهر.
ثم إن هناك أمراً آخر نضيفه إلى عجز الدول الكبرى تلك عن الاستقرار في العراق وأفغانستان أمام الأفراد المسلمين الذين يقاومونهم, وهذا الأمر هو أن تلك الدول لم تستطع أن تطأ أرض أفغانستان والعراق لولا أن الحكام العملاء في بلاد المسلمين قد فتحوا لها البلاد, براً وجواً وبحراً , قواعد تنطلق منها قاذفات تلك الدول للعدوان على بلاد المسلمين, وكان واقع أولئك الحكام في بلاد المسلمين أنهم العون والسند لعدوان تلك الدول الكبرى, وكان أمثلهم طريقة هو الذي يظهر نفسه على الحياد بين أمريكا وأحلافها, من جهة, وبين أهل العراق وأفغانستان, من جهة أخرى, خلال قصف طائرات وأساطيل أمريكا وأحلافها على بلاد المسلمين.
إن أمر العملاء هؤلاء لن يكون عند قيام الخلافة, ومَنْ مِنْ هؤلاء يجرؤ على أن يقف في وجه الخلافة حيث الأمة حارستها وحاميتها؟ إن أولئك العملاء سيختفون طوعاً أو كرهاً, ولن يجد الأعداء حينها خائناً يفتح لهم أبواب البلاد الإسلامية ليدخلوها دون عناء.
وهكذا فإن قيام الخلافة هو حقيقة واقعة في وقت ليس ببعيد بإذن الله, وإن ثباتها واستقرارها بعد قيامها هو أمر محقق إن شاء الله, وأن بنيان الدول التي هي كبرى اليوم سينهار بتلك الدول في مكان سحيق.
وأخيراً قد تقولون وتصدقون … تقولون إن حزب التحرير يدرك ترجيحاً, إن لم يكن يقيناً, بأننا لن نستجيب, فإذن لماذا يرسل لنا وفداً أو يكتب لنا كتاباً؟
ونقول نعم, إنكم قد تقولون وتصدقون, ولكننا أرسلنا إليكم وفداً أو كتبنا إليكم كتاباً, اهتداءً بقول ربنا العزيز الحكيم (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف]:
فلعلكم تتقون فتذكروا الآخرة, يوم الحساب, حيث الحَكَمُ العدلُ هو القويُ العزيزُ الجبار, فلا ظلم يومئذٍ, وإنما هي جنة أو نار (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران 185].
ولعلكم تتقون فتدركوا أنكم مهما عَمَرْتُم فلا بد من أن تُدَسوا في التراب, وتتركوا العروش والتيجان, والثروة والثراء, والحدائق الغناء, ويكون حالكم (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان 25-29].
ولعلكم تتقون فتعلموا ثقل الذنوب التي حملتموها: فقد عطلتم الحكم بما أنزل الله, وتركتم الجهاد في سبيل الله, و واليتم أعداء الله, وضاع كثير من بلاد المسلمين وأنتم تنظرون, سواء أكانت فلسطين, أم كشمير, أم قبرص, أم تيمور الشرقية, أم تقطيع أوصال العراق وأفغانستان, أم فصل جنوب السودان, أم ما يحدث من مجازر في الصومال و الشيشان…, وأنتم في ذلك أحد اثنين: مساهمٌ في الضياع, أو صامتٌ عليه صمت القبور, ما تَرَتَّبَ عليه ذل وهوان, ومصائب تترى … ومع ذلك فلا أنتم تتوبون ولا تتذكرون (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة 126].
ولعلكم تتقون فتتدبروا الأمرين الذين استوقفانا ملياً ثم كان كتابنا هذا الذي نوجهه إليكم, فتستجيبوا لما فيه, وبذلك تخففون شيئاً من تلك الذنوب, فَتَبْيَضُّ صحائفكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
فإن استجبتم إلى موضوع كتابنا هذا “نصرتنا لإقامة الخلافة”, فإن وفدنا يسمع منكم, ومن بَعْدُ يعود إليكم بما يترتب على تلك الاستجابة من أمور. أما إن استجبتم ولم يكن وفدنا عندكم فإن عناوين مكاتبنا الإعلامية مسطورة في أسفل هذا الكتاب, فإذا وصلتنا استجابتكم, أرسلنا إليكم بدورنا ما يترتب على تلك الاستجابة من أمور.
أما إن لم تستجيبوا, فإنكم لن تضروا الله شيئاً, ولن تحولوا دون قيام الخلافة, فهي قائمة بإذن الله بوعده سبحانه وبشرى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), كل ما هنالك أنكم تكونون قد تسربلتم بالخزي والخسران في الدارين ) ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج 11].
ونكون نحن قد بلَّغنا, وأنذرنا … ثم أُعذرنا.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف 21].
ـ
موقع الحزب الرئيسي: http://www.hizb-ut-tahrir.org
موقع المكتب الإعلامي الرئيسي: http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/main/index