الوثائق التي تم تسريبها عبر موقع ويكيليكس
في وقت سابق تم تسريب وثائق سرية لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) تتعلق بباكستان وأفغانستان والعراق، حيث تم من خلالها كشف النقاب عن أخطاء ارتكبتها إدارة بوش، فعلق آنذاك أن تلك التسريبات تمت من قبل أنصار أوباما. والناظر إلى الوثائق المسربة حالياً يرى أن هنالك مقاصد تقف خلف تسريبها. وقد ورد في الوثائق ذات الصلة بتركيا أن الولايات المتحدة الأميركية منزعجة من سياسة “العثمانية الجديدة” التي تنتهجها حكومة حزب العدالة والتنمية، وتم وصف داود أوغلوا بأنه يشكل خطراً، وأن إردوغان يتأثر من النظرات الإسلامية التي تحيط به، وأنه لا يتوجب على الموساد الوقوف صامتين أمام تصاعد المد الإسلامي في تركيا كما وقف الجيش التركي صامتاً. إن هذه الوثائق تعطي تصور للرأي العام وكأن تركيا تقوم بتشكيل السياسة الخارجية التركية كما تشاء بالرُغم عن أميركا. وهي تخفي حقيقة عمالة إردوغان وزمرته وتبعيتهم لأميركا، وتقوي نظرة الرأي العام التركي تجاه الجيش.
إن الذي يفهم من الوثائق التي تم تسريبها حتى الآن، أنه تم تسريب وثائق بصورة مقصودة ومفتعلة وتم التحفظ على الوثائق الأكثر خطورة والمتعلقة بصورة مباشرة بعمالة الحكام لأميركا، أي أن الوثائق التي تم تسريبها سربت بعلم وسيطرة إدارة أوباما، ومما يدلل على ذلك تصريح داود أوغلو الذي أدلى به خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع هيلاري كلينتون حيث قال: “إننا نقدم شكرنا وامتناننا لإبلاغنا بالأمر قبل تسرب الوثائق”، ومن ثم توالت التصريحات من المسئولين الأتراك أن الوثائق المسربة لن تضر بالعلاقات التركية-الأميركية بتاتاً. وكان داود أوغلوا قد أدلى بتصريح مستهجن آخر قال فيه أنه بالرغم من أن كيان يهود لم يعتذر حتى الآن عن قتل المسلمين التسعة الذين كانوا على ظهر سفينة مرمرة الزرقاء فإن كلينتون قد اعتذرت عن تسرب الوثائق التي هنالك شبهة تدور حول مدى صحتها.
والرأي العام يعلق على ما حدث بأنه يظهر الفرق بين إدارة أوباما وإدارة بوش، وأن إدارة أوباما تنظر إلى تركيا بصورة أكثر دقة وحساسية، ولهذا عندما سربت الوثائق الأولى في أميركا وتم على أثرها انتقاد إدارة بوش حصل الأمر نفسه في تركيا ووجه الرأي العام نحو انتقاد إدارة بوش. أي أنه أريد إظهار إدارة أوباما بمظهر إيجابي وهُيأت الأجواء في تركيا من خلال الوثائق التي تم تسريبها مؤخراً لتواصل حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية وتنفذ سياساتها بصورة أكثر أريحية. وقبل أن يتوجه داود أوغلوا للولايات المتحدة الأميركية تناولت الأوساط الإعلامية أخباراً تدور حول قيام تركيا بإمداد تنظيم القاعدة بالسلاح، وأن الهدف من زيارة داود أوغلوا لأميركا هو إزالة القلق الأميركي حيال ذلك. ومن ثم انقلب الأمر واعتذرت أميركا لتركيا على لسان وزيرة خارجيتها كلينتون!
وكانت الوثائق المسربة قد تطرقت أيضاً إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يريد عضوية تركيا في الاتحاد، وقيام تركيا بإظهار العضوية في الاتحاد الأوروبي هدفاً لها لتقوم بإجراء تعديلات في نظام الحكم، وأن الاتحاد الأوروبي يرفض انضمام تركيا لعضويته وذلك لتخوفه من أن يكون له حدود مباشرة مع إيران وسوريا. وأما الأمور المتعلقة بعضوية تركيا في وكالة الدفاع الأوروبية واتخاذها موقع صنع القرار، فقد تم تناول هذه القضايا في قمة حلف الشمال الأطلسي في لشبونة، وقد وضعوها ضمن “المفهوم الاستراتيجي الجديد”، وهذا يعزز مراد أميركا المتمثل بإبقاء الاتحاد الأوروبي تحت مظلة حلف الشمال الأطلسي. ولهذا فإن أميركا تريد من خلال تركيا التدخل في السياسة الأوروبية المشتركة للدفاع التي يسعى الاتحاد الأوروبي لإيجادها بعيداً عن حلف الشمال الأطلسي. ولهذا فإن الوثائق التي تم تسريبها والمتعلقة بعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي ستضع ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي، وتؤيد موقف إردوغان تجاه الاتحاد الأوروبي أمام الرأي العام المحلي في تركيا.
والحاصل فإن كافة الوثائق التي تم تسريبها والتي تخص تركيا ستصب في مصلحة حزب العدالة والتنمية خصوصاً في الفترة المقبلة المطلة على الانتخابات العامة.
خلوق أوزدوغان
مساعد الناطق الرسمي لـحزب التحرير
في ولاية تركيـا