تسعة وثمانون عاما من الحكم الجبري
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج نبوة ثم سكت ) رواه احمد
وروى الطبراني في المعجم الكبير عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا )
داهمت مرحلة الحكم الجبري أمة الإسلام في وقت كانت فيه أضعف ما تكون. فصارت هذه الحقيقة المرة ماثلة أمام أعين المسلمين وقد أذهبت الصدمة عقولهم , وقد حضر لهذه الهجمة الشرسة مدة طويلة من الزمن وكانت نتيجة هذا العمل الدءوب والذي أتى بعد تفكير حثيث متواصل والذي كان مفاده أنه لن يتم إذلال أمة الإسلام والسيطرة عليها إلا بعد إلغاء الخلافة .
وكان من انبرى لهذه المرحلة بريطانيا التي تعمدت عنصر المفاجئة فيها والتي لم يكن يهمها كثيرا تسمية هذه المرحلة بقدر نهمها لاستلاب خيرات المسلمين ومقدراتهم وبلادهم ولم تكن لتغفل ولو للحظة أن تستغل الموقف وخصوصا أن الأمة الإسلامية في حالة صدمة فاستجمعت قواها هي والقوى التي سميت استعمارية وما هي إلا امتداد للحروب الصليبية ووضعت العراقيل للحيلولة دون رجوع الأمة إلى سابق عهدها .
فأخذت بعين الحسبان انه لابد من إحياء أمور من شأنها أن تلهي امة الإسلام عن ما يرجعها إلى عزها فهذا هو بيت القصيد في حرب المسلمين في هذه الحقبة .
وبالنظر فإننا نرى أن مرحلة الحكم الجبري تمر في مرحلتين :-
مرحلة انحسار الإسلام فكريا وتداعيات هذه المرحلة .
وفي غضون هذه المرحلة كانت الدول الاستعمارية تنهب خيرات بلاد المسلمين وتقسم البلاد وتحيي النعرات القومية , والمذهبية والطائفية والوطنية والأفكار المحقرة لأفكار الإسلام بعد أن تم تحضير شخصيات قد لمعت لأجل تسويق هذه المفاهيم فظهر مفهوم مصر للمصريين للكاتب الذي لمعته بريطانيا من قبل وهو ” أحمد حلمي ” وكتابات قاسم أمين عن تحرير المرأة حتى أن بعض رجالات بريطانيا, ونظرا للانحسار الفكري استطاع جعل الناس تلتف حوله كسعد زغلول, الذي كان يدعو لمقاومة بريطانيا بالطرق السلمية وغير ذلك كثير من الأمور التي جعلت المسلمين يلتفتون إلى أمور القصد منها إبعادهم عما يحصل في بلادهم , وكذا الأمر في الهند والمغرب العربي والسودان والجزيرة العربية وبلاد الرافدين ( العراق ) .
وقد رسخت الدول الاستعمارية ركائزها وغيرت أساليبها , ففرنسا مثلا كانت في الجزائر كما قال أحد المستشرقين ” سورا يقف أمام رجوع محتمل للمسلمين إلى اسبانيا “
وكانت أمة الإسلام تتقاذفها الأمم هنا وهناك فلما جاءت أمريكا ونادت بفكرة استقلال الشعوب بقصد سحب البساط من بريطانيا وفرنسا لبسط سيطرتها على العالم الإسلامي تحركت الشعوب الإسلامية وصارت تنادي بالاستقلال وحق المصير فبذلت الدماء وأنفقت الأموال وتضاعفت الجهود للتحرر من نير استعمار ظاهر إلى استعمار جديد خفي , جعل ملامح الحكم الجبري تظهر بشكل واضح وهو الشكل التقليدي الذي يفهمه الناس و هو أن الحكم الجبري تسلط أناس من أصول إسلامية يضطهدون الناس ويذلونهم ويظلمونهم , إن هذا المفهوم التقليدي لا يجب أن يبعد عن الأذهان ولو للحظة واحدة أن مرحلة الحكم الجبري تعني أن الحكام إنما هم أداة طيعة ينفذون خطط الغرب و لو وجد من ينفذها بطريقة أفضل منهم ليجئ به بدلا منهم.