Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – الشركة في الإسلام

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله يقول أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما” رواه أبو داود وصححه الحاكم

قال صاحب عون المعبود بشرح سنن أبي داود : { (أنا ثالث الشريكين) أي معهما بالحفظ والبركة أحفظ أموالهما وأعطيهما الرزق والخير في معاملتهما

( خرجت من بينهم ) أي زالت البركة بإخراج الحفظ عنهما.

وزاد رزين “وجاء الشيطان” أي ودخل بينهما وصار ثالثهما .

قال الطيبي رحمه الله : الشركة عبارة عن اختلاط أموال بعضهم ببعض بحيث لا يتميز، وشركة الله تعالى إياهما على الاستعارة، كأنه تعالى جعل البركة والفضل والربح بمنزلة المال المخلوط، فسمى ذاته تعالى ثالثهما، وجعل خيانة الشيطان ومحقه البركة بمنزلة المخلوط وجعله ثالثهما، وقوله خرجت من بينهما ترشيح الاستعارة.

وفيه استحباب الشركة فإن البركة منصبة من الله تعالى فيها بخلاف ما إذا كان منفردا، لأن كل واحد من الشريكين، يسعى في غبطة صاحبه، … }

مستمعينا الكرام الشركة في اللغة خلط النصيبين فصاعدا بحيث لا يتميز الواحد عن الآخر. والشركة شرعا هي عقد بين اثنين فأكثر يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح. وعقد الشركة يقتضي وجود الإيجاب والقبول فيه معا كسائر العقود. والإيجاب أن يقول أحدهما للآخر: شاركتك في كذا، ويقول الآخر: قبلت. إلا أنه ليس اللفظ المذكور بلازم بل المعنى، أي لا بد أن يتحقق في الإيجاب والقبول معنى يفيد أن أحدهما خاطب الآخر، مشافهة أو كتابة، بالشركة على شيء والآخر يقبل ذلك. فالاتفاق على مجرد الاشتراك لا يعتبر عقدا، والاتفاق على دفع المال للاشتراك لا يعتبر عقدا، بل لا بد أن يتضمن العقد معنى المشاركة على شيء، وشرط صحة عقد الشركة أن يكون المعقود عليه تصرفا، وأن يكون هذا التصرف المعقود عليه عقد الشركة قابلا للوكالة ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركا بينهما.

والشركة جائزة لأنه صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملون بها فأقرهم الرسول عليها فكان إقراره عليه السلام لتعامل الناس بها دليلا شرعيا على جوازها. وروى البخاري من طريق سليمان بن أبي مسلم أنه قال: سألت أبا المنهال عن الصرف يدا بيد فقال: اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئة فجاءنا البراء بن عازب فسألناه فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (ما كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فردوه) فهو يدل على أن الشركة كان المسلمون يتعاملون بها وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم عليها.

وتجوز الشركة بين المسلمين مع بعضهم وبين الذميين مع بعضهم وبين المسلمين والذميين، فيصح أن يشارك المسلم النصراني والمجوسي وغيرهم من الذميين. روى مسلم عن عبد الله بن عمر، قال: {عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهود بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع}. {واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما ورهنه درعه} رواه البخاري. وروى الترمذي عن ابن عباس قال: {توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله} ولهذا فإن شراكة اليهود والنصارى وغيرهم من الذميين جائزة لأن معاملتهم جائزة. إلا أن الذميين لا يجوز لهم بيع الخمر والخنزير وهم في شركة مع المسلم، أما ما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركتهم المسلم فثمنه حلال في الشركة. ولا تصح الشركة إلا من جائز التصرف لأنها عقد على التصرف في المال فلم يصح من غير جائز التصرف في المال، ولذلك لا تجوز شركة المحجور عليه ولا شركة كل من لا يجوز تصرفه.

مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.