Take a fresh look at your lifestyle.

  التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي من إرث المفكر السياسي الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله ح6

 السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه- ج2

 مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 ذكرنا مستمعينا الكرام في الحلقة السابقة بعضا من السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه مما بينه لنا الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله،  وهي:

أولاً: سياسة الإغراق بالمشاكل الحياتية اليومية.

ثانياً: سياسة الإلهاء بالرياضة والنشاطات الشبابية.

ثالثاً: سياسة الإلهاء بنعيم الدنيا الزائل وكل مظاهر الترف واللهاث وراء المال.

رابعاً: سياسة كم الأفواه.

ونتابع معكم إن شاء الله في هذه الحلقة أيضا بعضا من هذه السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه مما بينه لنا الدكتور الشعراوي يرحمه الله.

خامساً: سياسية تنفيس الرأي العام:

عندما يشعر الحاكم بخطورة الأوضاع الناجمة عن سياسة كم الأفواه ومدى ما نجم عنها من احتقان فإنه يلجأ إلى تنفيس ذلك الاحتقان حتى لا يتولد عنه انفجار أو ثورة، فيقوم بتكليف وسائل الإعلام بإعداد برامج قصيرة تركز على بعض النواحي التي يشكو منها الناس وتوجيه الانتقاد إلى بعض المسؤولين ممن هم في موقع الوسط من التسلسل الهرمي للمسؤولين مع تجنب الاقتراب من المسؤول الأول (الحاكم) ومن هم في قمة الهرم من المراكز القريبة من الحاكم حتى يوهم الناس بأن التقصير أو الظلم الذي وقع على الناس هو من جراء تفريط المسؤولين الصغار ولا يتحمل هو تقصير هؤلاء الغير، وقد يستعين الحاكم بفنانين معروفين للقيام بلعبة التنفيس بشكل مسرحي هزلي، فيغنيه كل عرض مسرحي عن مظاهرة في الشارع، ولا يسمح لأحد القيام بهذه المهمة إلا من يختاره النظام لأن هذا وحده يعلم الخطوط الحمر غير المسموح تجاوزها في تنفيس الرأي العام، حتى لا ينقلب السحر على الساحر، وهذا النوع من النقد المدروس لا يسمح به إلا من خلال قنوات النظام والذي قد يلجأ إلى تأليف أحزاب يسميها أحزاب معارضة حتى تتولى هي أخذ الدور الذي يوكل إليها وتقوم بامتصاص النقمة فتكون بمثابة كاتم الصوت للأمة، ويمضي الحاكم في تبجحه وادعائه بأنه يريد للعبة الديمقراطية (الكافرة) أن تأخذ مجراها فيكون هو الخصم والحكم في نفس الوقت.

سادساً: كبش الفداء:

كثيراً ما يلجأ الحاكم إلى اختيار وزير أو رئيس وزارة أو قائد للجيش ككبش فداء، يفتدي به نفسه وحكمه، وذلك في محاولة للهروب من عقاب الأمة ولإلقاء التبعية على الشخص المعزول، وعادة ما يتخذ هذه الإجراء عقب هزيمة عسكرية أو فضيحة سياسية أو تقصير أمني أو اقتصادي أو اجتماعي، فيلجأ الحاكم إلى تخفيف نقمة الرأي العام عليه بأن يلصق تهمة التقصير بغيره ومثال ذلك الكثير من الإجراءات التي حصلت وتحصل في كل الأقطار شرقها وغربها، إسلامية وغير إسلامية وتكون هذه الإجراءات خدعة جديدة للرأي العام تضاف إلى رصيد الحاكم من الألاعيب السياسية الأخرى.

 

سابعاً: سياسة الضربة الوقائية:

 

تقوم بعض الأنظمة بحملة إعلامية وقائية بغية استباق تطورات سياسية داخلية، أو حين تشتم رائحة تمرد أو تململ لدى الناس فتقوم بخطوات معينة قد تشمل تعطيل بعض الصحف واعتقال بعض الصحفيين والمفكرين الذين لا ينتمون للنظام ولا يدينون له بالولاء، ويرافق ذلك حملة تشهير إعلامية واتهامات تصل إلى حد التآمر على النظام، وتهديد امن الدولة، وتهمة الارتباط بدولة أجنبية لا يذكر اسمها إمعاناً في التضليل، وهذه الإجراءات الوقائية تتسم بالمفاجأة، والقسوة، والسرعة الخاطفة حتى تؤتى ثمارها كضربة وقائية، وأحياناً تتم هذه الإجراءات بسرية تامة وتعتيم كامل حتى لا تحدث صدى لدى الرأي العام، وحتى لا تحتسب مؤشراً على ضعف النظام وعلى وجود معارضين يطالبون بتغييره جذرياً.

 

ثامناً: سياسة ركوب الموجة:

 

وهذه السياسة من أكثر السياسات رواجاً عند صيادي الفرص الذي يستغلون ظروفاً معينة، أو أحداثاً خاصة فينخرطون بها ويتبنونها، فيختلط الأمر على المراقب حتى يكاد لا يميز بين الأصيل والدخيل مما يسبب ضياعاً في الرأي العام، وتبديداً للجهود المخلصة، وتفشيلاً لها، وتيئيساً لمن أخذ الأمر على محمل الجد، ولم يتلوث بالحيل التي نصبت له شراكها، وكثيراً ما نرى أن موجة السخط على الحاكم والملك والرئيس تخمد فجأة دون أن تبصر الأصابع التي أطفأتها، ولا شك أن ركوب الموجة وتبني مطالب الناس ولو إعلامياً بالكلام المنمق يساعد على الحد من جذوة الحماس، وقد يؤدي إلى عكس ما طالب به جمهور الناس، حدث منذ أقل من عام أن انطلقت تظاهرة تطالب المسؤولين في لبنان بالحد من التدهور الاقتصادي ووقف التلاعب بأرزاق العباد، وقد كانت شعارات المتظاهرين تهاجم الرئيس وتقصير جميع المسؤولين بدون استثناء وبعد أن التقى المتظاهرون من شطري بيروت تحولت الشعارات والهتافات إلى “شعب واحد، وطن واحد”. فما أسهل تدخل القوى الرسمية حتى في البلدان التي تحولت فيها الدولة إلى أشلاء ممزقة، فهذه الدول الكرتونية لا تعوزها الحيلة فحينما تريد ركوب موجة معينة لا تصطدم بها مباشرة، أو وجهاً لوجه، وإنما تسير مع الموجة في خط موازٍ لها متبنية شعاراتها ومطالبها، وتحاول تضييق المسافة بين الخطين المتوازيين حتى تقترب من الخط الأصلي محاولة شراء أشخاص تلك الموجة بالترهيب والترغيب وحين يلتحم الخطان بعد تعديل زاوية الانحراف تصبح الموجة المعادية للنظام بأشخاصها وشعاراتها هي أبنه النظام البكر، ويكتشف أصحابها أنهم تحولوا عن أهدافهم الأصلية ماية وثمانين درجة دون أن يشعروا بعملية التحول القسرية التي خضعوا لها، ويكون النظام قد مال مع الريح تحاشياً للسقوط “إذا مالت الريح مال حيث تميل” وهو بذلك التمويه والخداع يكون قد لبس جلد الثعلب أو التمساح لأنه لا قبل له بمواجهة التيار الهادر الذي ينوي اقتلاعه من الجذور.

 

نتوقف هنا مستمعينا الكرام في هذه الحلقة على آن  نتابع معكم ما تبقى من سياسات اتبعها الإعلام لإلهاء الرأي العام وترويضه كما بينها الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله  في الحلقة القادمة إن شاء الله.