Take a fresh look at your lifestyle.

  الضربات آذنة ٌ بإنتهاء العَقد الجبري

 مرت على المسلمين هزات عنيفة ، هزّات وضربات قاضيةٌ بعد قتل أُمنا الحنون دولة الخلافة ، وتوالت الهزات تلو الهزات والضربات تلو الضربات من تقسيم لبلادِ المسلمين واحتلال فلسطين وحروب كشمير وتقتيل المسلمين في البوسنة والشيشان ، واحتلال أفغانستان ، وإراقة الدماء في بلاد ما بين النهرين ، والعبث بالصومال ، ومحاربة الحجاب والأذان ، والإستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وتدنيس القرآن. هذا غيض من فيض ، وظن الكافر المستعمر أن الأمة الإسلامية قد قُضي عليها ولن تقوم لها قائمة.

وفجأة بعد كل هذه الهزات والضربات القاصمة ، يُقدِم شاب في مقتبل الحياة يسترزق ويُمنع من الإسترزاق حتى آل به المطاف لحرق نفسه وكان هذا محمد البوعزيزي وهو الشعرة التي قصمت ظهر البعير .

هذا هو الذي بدأ وطالب بالتغيير والإنتفاض على هذه الأنظمة ، وهو الذي كان الضحية الأولى لإنفراط عَقدِ الظالمين المتجبرين بالرغم من الضربات السابقة الأولى ، قال تعالى ((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )) القصص  .

 أحست الأمة أنها قادرة على التغيير وأنها لن تـُرجع هذه الدول كسابق عهدها ، فعلاً أحست بأن السلطان لها ، تعطيه لمن تشاء وتنتزعه ممن لا تشاء أن يحكمها ، ومن خلال استمرار مسلسل وحلقات تقديم التنازلات وهشاشة الأنظمة انفرط العقد آذناً بانهيار الملك الجبري .

خرج مئات الآلاف بل الملايين الملايين إلى الشوارع تهتف: الأمة تريد إسقاط النظام ، والشعارات إنما تدل على وعي ٍ ، فأخذت الأمة تَسير في هذا الطريق وما إن يأت شخص آخر من النظام حتى يسقطه الشعب .

فعلاً تنامى الوعي لدى الأمة وعرفت الصالح من الطالح ، ولكنهم يقولون ها نحن أسقطنا النظام وقدمنا الشهداء تلو الشهداء لنصل للتغيير ولكن لا تغيير فما العمل ؟

هل  سنصل للتغيير الذي نريد أم للتغيير الذي يـُفرض علينا من الأحداث ؟

ما الحل ؟  ما الحل ؟ فعلاً هذا السؤال الذي يستوجب أن نطرحه بعد كل هذا ، لم يتغير شيء ! فما معنى التغيير ؟

نحمد الله تعالى أن جعل هذه الخطوة  مقدمة للتغيير بتحرك الشعوب ضد الأنظمة ولكن الأمة تفتقر للتنظيم المسبق لعدم وجود قيادة مبدئية . فما الحل؟

الحل هو أن تتحرك الأمة وفق فكرة مبدئية  تستند عليها فكرة لا تضاهيها محاربة الغرب وأسلحتهم ، فكرةٌ لا تهزمها الحروب والمعارك  فكرةُ الإسلام السياسي  .

فها هو حزب التحرير الذي هو من الأمة ويعمل في الأمة ومن أجلها يملك الفكرة المبلورة النقية لإيجاد التغيير ، ولكن هذه الفكرة يلزمها القوة وليست أية قوة ؟

بمعنى خرج المتظاهرون ووقف الجيش في حياد عنهم فهل تغير شي ؟

فإن لم تعمل الفكرة المبدئية بجانب القوة فإن شيئاً لن يحدث إلا إذا أذنَ الله بشيء .

ولكن والحمد لله بالرغم من أن التظاهرات لم تخرج عن النظام العام بالرغم من أنها في ظاهرها ثورة ، إلا أنه علينا التركيز على توعية الأمة على استمرارها في ثوراتها ، وإلا فالمصيبة أعظم من أن يمِـلَّ الناس وييأسوا عن هذا الأمر ويرجعوا إلى بيوتهم مهزومين مقهورين منكسرين  والمصيبة الأعظم أن لا يعودوا أبدا إلى ما بدأوا  به ويقدموا التنازلات تلو التنازلات حتى تنتهي القضية.

فعلينا أن نتصل بالأمة بكافة  أطيافها من  الأفراد والجماعات والجيوش نذكرهم بعزهم ومجدهم وأن هذا تبديد لغيمة الظلام ولإنقشاع فجر الأمل والعدل فإنهيار الملك الجبري مؤذن بالخلافة . لقوله صلى الله عليه وسلم :- ( ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، والمقصود من الحديث ثم تعود خلافة راشدة ( ثم ) في اللغة العربية حرف عطف ومن دلالاته الترتيب مع التراخي أي أن هنالك بعد الحكم الجبري  يوجد تراخِ في فترة زمنية لا نعلم مدتها ولا يعلمها إلا الله ، ويجب أن يكون هناك عملٌ لرفع ثقة الأمة ونشر ثقافة الجهاد والتضحية ، نحن من يصنع الحدث وليس من يسير وراء الحدث .

“الكف يناطح المخرز وإن أدماه” ولكنه أصبح أقوى منه وإن سال دمه .

فها هي الأمة تقدم الشهداء في سبيل عزها ومجدها ، و لتقطف أوسمة الشرف ولتعود لكرامتها وعزتها في ظل الاسلام ولترفع  عن كاهلهم سخط ربها .

وفي الختام نسأل الله أن يقوينا وأن يثبت أقدامنا ولمثل هذا نجود بالأرواح ونسأل الله أن يكحل أعيننا بالخلافة ، وأن نستظل في عدلها وأن نقاتل تحت لوائها متنعمين براية عقابها .

 قال تعالى :- ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ  )) القصص .

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

أبو الأمين