Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف ‏الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا ‏ ‏يُسْلِمُهُ

 

عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَالِمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا ‏ ‏يُسْلِمُهُ ‏ ‏مَنْ كَانَ فِي ‏ ‏حَاجَةِ ‏ ‏أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ ‏ ‏فَرَّجَ ‏ ‏عَنْ مُسْلِمٍ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏فَرَّجَ ‏ ‏اللَّهُ عَنْهُ بِهَا ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ” رواه مسلم

جاء في صحيح مسلم بشرح النووي :” قَوْلهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَة , وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ) ‏‏فِي هَذَا فَضْلُ إِعَانَةِ الْمُسْلِم , وَتَفْرِيجِ الْكُرَبِ عَنْهُ , وَسَتْرِ زَلَّاتهِ . وَيَدْخُلُ فِي كَشْفِ الْكُرْبَةِ وَتَفْرِيجِهَا مَنْ أَزَالَهَا بِمَالِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مُسَاعَدَتِه , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَزَالَهَا بِإِشَارَاتِهِ وَرَأْيهِ وَدَلَالَتِه . وَأَمَّا السَّتْرُ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ هُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ السَّتْرُ عَلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَنَحْوِهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد . فَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يُسْتَرَ عَلَيْهِ , بَلْ تُرْفَعُ قَضِيَّتُهُ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَةً ; لِأَنَّ السَّتْرَ عَلَى هَذَا يُطْمِعُهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد , وَانْتَهَاكِ الْحُرُمَات , وَجَسَارَِة غَيْرِه عَلَى مِثْلِ فِعْلِه . هَذَا كُلُّهُ فِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ , وَأَمَّا مَعْصِيَةٌ رَآهُ عَلَيْهَا , وَهُوَ بَعْدُ مُتَلَبِّسٌ بِهَا , فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ , وَمَنْعُهُ مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ , وَلَا يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعُهَا إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِذَا لَمْ تَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ . وَأَمَّا جُرْحُ الرُّوَاةِ وَالشُّهُودِ وَالْأُمَنَاءِ عَلَى الصَّدَقَاتِ وَالْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ وَنَحْوِهِمْ فَيَجِبُ جُرْحُهُمْ عِنْد الْحَاجَة , وَلَا يَحِلُّ السَّتْرُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَأَى مِنْهُمْ مَا يَقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِمْ , وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَة , بَلْ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَة , وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُسْتَرُ فِيهِ : هَذَا السَّتْرُ مَنْدُوب , فَلَوْ رَفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَأْثَمْ بِالْإِجْمَاعِ , لَكِنْ هَذَا خِلَافُ الْأَوْلَى , وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ صُوَرِه مَا هُوَ مَكْرُوهٌ . وَاَللَّه أَعْلَم .”

السَّتْرُ هو التغطيةُ. والسترُ على المسلمِ هو تغطيةُ عَثرتِهِ وزلَّتِه، والسترُ لا يكونُ إلا مندوباً، ويكونُ كذلك بثلاثةِ شروطٍ أوَّلُها:

أنْ تكونَ الزّلّةُ غيرَ متكرِّرَةٍ فتكونَ أوّلَ معصيةٍ زلَّ فيها مُطيع .

ثانيها: أن لا يجهَرَ بها صاحِبُها ويكونَ من ذوي الهيـئاتِ الذين لا يُعْرَفُونَ بالشَّرّ

ثالثُها: أنْ لا يحصَلُ منها ضررٌ خاصٌّ ولا عامّ.

إذا وقعتِ الزّلّةُ على هذه الصورةِ وبهذه الشروط.. كأن يكذِبَ المسلمُ كِذبةً أو ينظرَ إلى عورَةِ امرأةٍ أو يختلطَ اختلاطاً مُحرَّماً، أو يخلفَ وعداً أو يأكُلَ لحمَ خِنزيرٍ أو يشربَ خمراً في بيته، فإنهُ يُندبُ السَّترُ عليه بدليلِ قولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (‏مَنْ رَأَى عَوْرَةً فَسَتَرَهَا كَانَ كَمَنْ اسْتَحْيَا ‏ مَوْءُودَةً ‏ ‏مِنْ قَبْرِهَا) وقولِهِ (‏‏أَقِيلُوا ‏ ‏ذَوِي الْهَيْئَاتِ ‏ ‏عَثَرَاتِهِمْ ‏ ‏إِلَّا ‏ ‏الْحُدُودَ). قولُهُ إلاّ الحدودَ أيْ أنّها لا تُقالُ عنهم بل تُقامُ على ذي الهيئةِ وغيرِهِ بعدَ الرّفعِ إلى الإمام .. وأما قبلَهُ فيُنْدَبُ سَتْرُها، وهي غيرُ مُستثناةٍ بدليلِ قولِهِ صلى الله عليه وسلم (تَعَافَوْا ‏ ‏الْحُدُودَ ‏ ‏فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ ‏ ‏حَدٍّ ‏ ‏فَقَدْ وَجَبَ) أي إذا وصلَتْنِي الشكوى فقد استوجبَتْ تطبيقَ العُقوبةِ أمّا بينَكُمْ فتعافَوْا واسْتُرُوا .. وكما قالَ لِهُزالِ الذي أشارَ على ماعزٍ بالإِقرارِ (ماعِزٌ هو صحابيٌّ اقترفَ الزّنا)

فقال الرسولُ لِهُزالَ (يا هزالُ لو سَترتَهُ بثوبِكَ كان خيراً لك) وفي روايةٍ أخرى (ويحَكَ يا هزال ألاْ كنت َ رَحِمْتَه، ويحَكَ يا هزال ألا كنتَ رحِمْتَه، ويحك يا هزال ألا كنت رحمته) وما رواه ابن مسعودٍ أيضاً قال (إني لأَذْكُرُ أوّلَ رجلٍ قطَعَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بسارقٍ فأَمَرَ بِقَطْعِه .. فكأنما أَسِفَ وجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسولَ الله كأنّما كَرِهْت َ قَطْعَه؟ قال: وما يَمْنَعُنِي؟ لا تكونُوا أعواناً للشيطانِ على أخيكم، أنّهُ لا ينبغي للإمامِ إذا انتهى إليه حَدٌّ إِلاّ أنْ يُقيمَهُ، إنّ اللهَ عَفُوٌّ يحبُّ العفوَ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألا تحبونَ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لكم والله غفورٌ رحيم)

كذلك يُندَبُ أنْ يستُرَ الإنسانُ على نفسِهِ بدليلِ ما وردَ في الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏‏كُلُّ أُمَّتِي ‏مُعَافَاةٌ ‏ ‏إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ ‏ ‏الْإِجْهَارِ ‏ ‏أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ فَيَقُولُ يَا فُلَانُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ )