الأمة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين العلي العظيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعه ووالاه الى يوم الدين
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي
الامة غير الشعب فالامة جماعة من الناس اكثرهم من اصل واحد وتجمعهم صفات موروثة ومصالح وامانٍ واحدة ويجمعهم امر واحد اي دين واحد.
اما الشعب فهم الجماعة من الناس يرجع اصلها الى اب واحد والشعب اوسع من القبيلة وهي الجماعة من الناس تتكلم لسانا واحدا وتخضع لنظام اجتماعي واحد وقد تختلف قناعاتهم وافكارهم لذلك نقول الشعب العربي او المصري او الاردني بينما الامة: جماعة من الناس ءامنوا بنفس الدين او الفكر وبالتالي تكون مشاعرهم واحدة فنقول الامة الراسمالية والامة الشيوعية والامة الاسلامية ولا يجوز مثلا ان نقول الامة العربية او الامة التركية.
قال تعالى :”يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلنامكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم” فهنا عندما خاطب الناس قال شعوبا وفي قوله تعالى :” تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون” وهنا تحدث عن سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام واتباعه الذين ءامنوا بدين واحد وتوحدوا على عقيدة واحدة.
لذلك عندما نريد التحدث عن المسلمين لا يجوز ان نقول الشعب الاسلامي وانما نقول الامة الاسلامية لانها جماعة توحدت على الاسلام فتوحدت افكارها ومفاهيمها ومشاعرها فصارت امة واحدة.
الذي يهمنا في هذا الموضوع ان نتتبع ونتعرف على النعم التي حبا الله بها امتنا الاسلامية ، فميزها بها عن غيرها من الامم مما جعلها من افضل الامم مما اهلها للسيادة على كافة الامم لقيادتها بالخير .
النعمة الاولى او الميزة الاولى:
الامة الاسلامية خير امة اخرجت للناس والذي اهلها لذلك انها تدعو غيرها من الناس الي الخير اي الى الاسلام فتخرجهم من الظلمات الى النور، وتنقذهم من شقاء الدنيا وعذاب الاخرة.
ولما ايضا ما فرضه الله عليها من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، تعمل على ازالة اسباب الفساد من المجتمع الاسلامي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا يستشري فيتعود الناس عليه فيتلبد احساسهم.
قال تعالى :”كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله…”
وفيما روى البخاري عن ابي هريرة قال :”كنتم خير امة اخرجت للناس، اي خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في اعناقهم حتى يدخلوا الاسلام .
الميزة الثانية او النعمة الثانية:
انها الامة الوسط بفتح السين اي الاصلح والافضل واتصافها بالعدالة اي الصلاح والاستقامة فان الله جعل امتنا هي الاصلح والافضل ونعتها بصفة الوسط اي العدالة أي الاستقامة لما اهلها الله به من نعمة الاسلام الذي تعتنقه برضاها وقناعتها وايضا شرف حمل هذا الاسلام ونشره بين الناس لذلك اهلها لتشهد على الناس مع الانبياء على انهم بلغوا رسالاتهم لاممهم الجاحدة.
وتجدر الاشارة هنا ان من المفاهيم الخاطئة التي نشرها الغرب بين المسلمين ان الاية: “وكذلك وجعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” دليل على ان الاسلام دين الاعتدال والتوسط بين شيئين فهو وسط بين التشدد والتساهل اي جعل العقيدة الاسلامية عقيدة حل الوسط مثل عقيدة الراسماليين فصل الدين عن الحياة ، وهذا خطا من جهتين:
الاولى: ان في الاية قال الله تعالى: “امة وسطا “بفتح السين وقد فسرها كبار علماء التفسير بالافضل والاصلح والاعدل اي الاستقامة غير الاعتدال وليس بسكون السين (الوسط) اي الشيء بين اثنين.
الثانية: ان وسطا وصفا للامة وليس الاسلام وهذا هو الخطا الفادح الذي وقع فيه كثير من المسلمين ويرددونه للاسف دون ان يعلموا بانهم يخالفون عقيدة الاسلام ويجعلون الاسلام مجرد دين كبقية الاديان يهتم بالعبادات ويلغي رعايته لشؤون الحياة والفرد الاخرى وبذلك يعملون على حصره في المسجد والعبادة فقط.
النعمة الثالثة:
ان الله جعل المسلمين يشكلون امة واحدة وعلاقتهم علاقة اخوة ، ولما حباهم الله به من رابطة قوية تربطهم وتجعل منهم امة قوية وهي رابطة لا تنفصم هي رابطة العقيدة الاسلامية والاسلام، وتم تاكيد ذلك في كثير من نصوص القران والسنة ، حتى يتذكر المسلمون دائما ان عليهم الوحدة وعدم الفرقة لان ذلك يؤدي الى تشتت امرهم وبالتالي ضعفهم فتتكالب الامم العدوة عليهم فيؤدي ذلك الى تقصيرهم في تطبيق الاسلام ونشره في العالم.
يقول الله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا …”
اي تمسكوا بالاسلام جميعكم حتى تكونوا امة واحدة قوية ولا تتفرقوا.
فهذه الامة تمتاز عن بقية الامم بعلاقة الاخوة التي تسود بين افرادها اخوة تؤدي الى تعونها وتكاتفها وتعاطفها وبذلك تكون معولا للقوة والسيادة والبناء وليس معول ضعف وهدم واذلال .
النعمة الرابعة :
العزة والقوة وهيبة الأمم منها ما تمسكت بإسلامها كاملاً كما تمسك به الرسول صلى الله وعليه وسلم والسلف الصالح وليس إسلاماً بالاسم قال تعالى ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)
ورضي الله عن عمر بن الخطاب حين قال: ” نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله”
الميزة او النعمة الخامسة :
كل النعم السابقة في الدنيا وهناك ايضاً ميزات في الاخرة منها ان هذه الأمة هي آخر الامم في الدنيا ولكنها أولى الامم في دخول الجنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة}
وكذلك منَّ الله علينا بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .
الميزة السادسة :
من النعم أيضاً أن لنا صفة الغر المحجلين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { انتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوع فمن استطاع فليطل غرّته وتحجيله } . وهذه النعم والصفات للأمة الاسلامية على طول الزمن حتى قيام الساعة. عن أبي جمعة قال ” تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال ابو عبيدة بن الجراح يا رسول الله أحد خير منا ! أسلمنا وجاهدنا معك وآمنا ، قال : نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني”
لذلك اخوتي وأخواتي الكرام واجبنا ان نحب امتنا هذه الأمة الاسلامية والتي يكفيها شرفا الله بأنها امة محمد صلى الله عليه وسلم وانها أمة لا اله الله، فيجب ان نقدرها ونحترمها ونوقرها ونحرص على ان تتحقق هذه الصفات فيها حتى تكون مؤهلة لقيادة العالم الى الخير والسيادة عليه بما أعزها الله بدين الاسلام ونتأهل لدخول الجنة . فلا يجوز سبها او لعنها أو احتقارها بل علينا ان نحب أمتنا ونحرص على وحدتها بالتمسك بالاسلام والعمل على ايجاد هذه الوحدة ملتفة تحت راية واحدة وخلف امام واحد ونبتعد عن كل ما يسبب الفرقة بين افراد هذه الامة ، بل ويجب ان نكافح ونناضل في سبيل وحدتها ونهضتها .
اللهم وحد بين أفراد هذه الأمة وازل عنها كل ما يسبب الفرقة
وردنا الى الاسلام رداً جميلا. اللهم ثبتنا على هذا الدين واجعل الصبر لنا سلاحا
وارزقنا العزة والتمكين والاستخلاف، وأشهد أن لا إله الا الله وان محمد عبده ورسوله.