Take a fresh look at your lifestyle.

  القرارات الإصلاحية خديعة لإطالة عمر النظام السوري والمطلوب هو الرحيل الفوري للنظام

 

 

القرارات الإصلاحية خديعة لإطالة عمر النظام السوري

 

والمطلوب هو الرحيل الفوري للنظام

 

 

 

ألقى الرئيس السوري بشار أسد خطاباً يوم الأربعاء في 30/3 في مجلس الشعب (مجلس الدمى المتحركة) وذلك بعد أسبوعين من بدء التحركات الشعبية المناهضة لحكمه وسقوط عدد كبير من قتلى وجرحى، ووسط توقعات أن يجلي الأمور ويحدد مفردات الإصلاح الذي وعد به شعبه. وقد قال هو عن الخطاب إنه يأتي في «لحظة استثنائية»… وقيل عنه إنه كان خطاب الفرصة الضائعة، مخيب للآمال، فارغ المضمون، لا يملك تصوراً للإصلاح، بل بدا فيه الرئيس متفلسفاً في الوقت الحرج. ولا بد قبل الخوض في الخطاب ومعرفة دلالاته من عرض ما سبقه من تطورات سياسية وميدانية؛ لأنه لا يمكن فهم الخطاب بمعزل عنها.

 

في البداية يُذكر أن المنطقة كلها تجتاحها موجة من الاحتجاجات الشعبية على الحكام، نجح بعضها في خلعهم (تونس ومصر) وهي في طور النجاح في بعضها (ليبيا واليمن)، وعليه فإن النظام السوري يعيش في أجواء متشنجة للغاية، ويعتبر أن لا سبيل أمامه إلا مواجهتها.

 

لقد بدأت الاحتجاجات الشعبية في سوريا في 15/3 وأخذت منحًى دموياً ومأساوياً يوم الأربعاء في 23/3 ارتكب فيها النظام السوري مجزرة في درعا أودت بحياة العشرات وتم اقتحام المسجد العمري دونما اعتبار لأي حرمة فيه، سالت فيه دماء طاهرة وصفها النظام كعادته دماء عملاء اتخذوا من المسجد وكراً لهم ضارباً بعرض الحائط كرامات أهالي القتلى في درعا، وهو بذلك يصف أهالي درعا بالعمالة والخيانة…

 

عقب هذه المجزرة وهولها، وخوفاً من تمدد الاحتجاجات، ألقى النظام قنبلة صوتية على لسان مستشارة الرئيس ابنة مدينة درعا بثينة شعبان أعلنت فيه عن سلسلة من القرارات الإصلاحية الخدمية والسياسية التي ادعت فيها أن القيادة اتخذتها، وهذا الإعلان جاء بهذه السرعة خوفاً من تحول يوم الجمعة 25/3 إلى يوم غضب عام في سوريا ولامتصاص النقمة العارمة ضد النظام. وقد أعلنت بنود هذه الإصلاحات على الشكل التالي: تشكيل لجنة قيادية عليا لمعرفة واقع الأحداث التي وقعت في درعا وملابساتها، ومحاسبة المتسببين والمقصرين -زيادة رواتب العاملين في الدولة بصورة فورية، وإيجاد التمويل اللازم لتأمين الضمان الصحي لهم- وضع آليات جديدة وفعالة لمحاربة الفساد- دراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ وبالسرعة الكلية- إعداد مشروع قانون للأحزاب- إصدار قانون جديد للإعلام- تعزيز سلطة القضاء، ومنع التوقيف العشوائي. وقالت فيه شعبان بأن هناك مندسين مدعومين من الخارج كما قالت بأن الشعب والنظام معاً في مواجهتهم… ووعدت بأن هناك حزمة أخرى من الإصلاحات سيعلن عنها.

 

يوم الجمعة في 25/3 قامت مظاهرات حاشدة في أكثر المناطق السورية اتبع فيها النظام (أسلوبه الذي اتبعه في حماه) بمجازر في سائر المناطق وخاصة في مدينة الصنمين.

 

خرج فاروق الشرع  نائب الرئيس، وهو ابن درعا أيضاً، ليعلن للناس أن الرئيس سيلقي خطاباً واعداً وأن عليهم أن ينتظروه.

 

يوم الثلاثاء في 29/3 دبر النظام مظاهرات حاشدة في عدة مناطق وكانت أكبرها في دمشق ليوهم الجميع أنه ذو شعبية واسعة. ومعلوم أن هكذا مظاهرات يعمم فيها على المدارس والدوائر والمؤسسات و الهيئات والنقابات والجيش والأمن باللباس المدني، ولا يستطيع حتى صاحب العذر أن يتخلف عنها خوفاً من اتهامه، وهذه المظاهرات يدبرها النظام ليدعم موقفه قبل خطاب الرئيس المنوي إلقاءه.

 

ضمن هذه الأجواء ألقى الأسد خطابه في 30/3 وسط وعود شعبان و الشرع كما سبق أن يجلي الأمور ويلبي مطالب الشعب ويضع النقاط على الحروف، ووسط انتظار الداخل والخارج… وخصوصاً اهالي الشهداء. ولكن الخطاب كان كارثياً مخيباً للأمال على عكس ما توقعه الجميع. بل حمل خطابه اتهاماً للشعب السوري وتهديداً له بأن من يطالب بالإصلاح في مثل هذه الظروف، (وهم الغالبية) إنما يسير في مؤامرة حيكت في الخارج، ولها بعض الخيوط في الداخل، وهم قلة قليلة (بحسب ادعائه)، ويجب مواجهتهم وتطويقهم، وقال «عندما يكون الإصلاح مجرد انعكاس لموجة تعيشها المنطقة فهو مدمر بغض النظر عن مضامينه» ووصف هكذا مطالبة بالإصلاح بأنها فوضى، والثورة عليه صرعة جديدة، وفتنة جرى الخلط بينها وبين الإصلاح. ثم قال متحدياً: «إذا فرضت علينا المواجهة فأهلاً وسهلاً» راقصاً على دماء الشهداء كدلالة على أنه ينوي مواجهة شعبه وعدم الانصياع لمطالبه ، ثم ادعى أنه من دعاة الإصلاح طرحه منذ تسلمه الحكم، ولكن الظروف الطبيعية (الجفاف) والمؤامرات الخارجية فرضت عليه أن يتأخر بتنفيذه، ثم ذكر أن السؤال الحقيقي الذي يرد هنا: أي إصلاح نريد؟ إن الإصلاح لا يكون بنظره إلا حسبما يراه هو على طريقة فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ).

 

ولمعرفة أي إصلاح يريد:

 

– فقد جاء في خطابه أن الإصلاح المنشود غير مكتمل الرؤيا بعد ، وذكر أنه في العام 2011 كل شيء سيكون عبارة عن دماء جديدة، وعلى هذه الدماء الجديدة نحن ننتقل إلى مرحلة جديدة» في هذا الكلام يظهر أن الأسد سيقوم بتغيير الوجوه التي ملت الناس منها ويستبدلها بوجوه موالية أخرى من غير أن يقدم رؤية للعمل. وكأن تغيير الوجوه بأخرى والدماء الفاسدة القديمة بدماء جديدة فاسدة هو الحل.

 

– أذيع في اليوم التالي للخطاب عن عدد من التوجيهات الرئاسية المتعلقة بالخطوات الإصلاحية التي أعلنتها المستشارة شعبان في 24/3 وقد جاءت على الشكل التالي:

 

– شكلت القيادة القطرية لجنة تضم عدداً من كبار القانونيين لدراسة وإنجاز تشريع يضمن المحافظة على أمن الوطن وكرامته ومكافحة الإرهاب وذلك تمهيداً لرفع حالة الطوارئ على أن تنهي اللجنة دراستها قبل 25/4/2011م». في هذا التوجيه يظهر واضحاً أنه يريد استبدال قانون الطوارئ بقانون مكافحة الإرهاب. إن في هذا الكلام إصراراً من الرئيس على أن لا تغيير سوى في الألفاظ. إنه يريد أن يأخذ الناس بجريرة قانون مكافحة الإرهاب فيعتقل ويحصي الأنفاس، وينشر المخابرات ويأكل الحقوق… كما كان يفعل من قبل من خلال قانون الطوارئ.

 

– «شكلت لجنة لدراسة تنفيذ توصية المؤتمر القطري العاشر المتعلقة بحل مشكلة إحصاء عام 1962م في محافظة الحسكة التي تضم أكبر عدد من الأكراد، وذلك بهدف تعزيز الوحدة الوطنية، مع مهلة لإنهاء اللجنة العمل بتاريخ 15/04/2011م».

 

إن هذا النظام قد ظلم هؤلاء الناس، ومازالت سكين مخابراته تعمل في أعناقهم، وهو لا ينظر إلى قضيتهم أنها قضية شعب مسلم مثله مثل غيره في الحقوق والواجبات الشرعية والأخوة الإسلامية بل نظرة مؤامرة ونية انفصال واتصال بالأعداء ما شاكل ذلك. وهو الآن يحاول أن يظهر أنه يريد حل قضيتهم، ولولا الضغوط لما فعل ذلك، وهو يقول إنه لا يخضع للضغوط، ولا إصلاح وراءه ضغط، فهو بهذا يعني أنه بإصدار مثل هذه التوجيهات يخدر المطالب والنفوس المشحونة ضده.

 

– «شكلت لجنة قضائية خاصة لإجراء «تحقيقات فورية في جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المعتقلين المدنيين والعسكريين في محافظتي درعا واللاذقية الأخيرة».إن هذه اللجنة القضائية هي من اختيار الرئيس ومن محسوبيه من القضاة، وستوضع لها الأحكام الجاهزة التي اعتاد أمثال هؤلاء القضاة في سوريا عليها. إن هذا النظام يثبت يوماً بعد يوم أنه ليس من الله في شيء، وليس من شعبه في شيء، بل هو يستعلي على شعبه ويعتبر نفسه فوق الشبهات وفوق المحاسبة. وإننا نقول إن النظام في سوريا يحتاج إلى تغيير لا إلى إصلاح.

 

إن النظام عندما يدعي أنه يريد الإصلاح فإننا نقول له إن فاقد الشيء لا يعطيه، ونقول إنه لا يقوم بالإصلاح فاسد، وإن رأس الفساد في سوريا هو رأس النظام، ثم الأدنى فالأدنى، وليس العكس. ونقول له: ليس المطلوب التنفيذ الفوري للقرارات بل الرحيل الفوري للنظام. ونقول له إنه بقي شيء واحد وصحيح يمكن أن يفعله هو أن يرحل ويُعفي الناس من مآسيه، وإلا فإن مصيراً أسود ينتظره، وسيكون لعنة التاريخ، بل أصبح لعنته، وإن الشعب السوري قد عقد عزمه على رحيل النظام معتبراً أن أي ثمن يدفعه مقابله يتضاءل أمام ثمن بقائه مع أجهزته الأمنية التي هي أساس البلاء وأكثر ما يعاني منه الناس، والتي لم يؤتَ على ذكرها في الإصلاحات.

 

أيها المسلمون والضباط في سوريا

نقول لأهالينا في سوريا: لقد سكتم عن النظام وزبانيته دهراً، وهو قد ازداد عليكم فيه قهراً، وسكوتكم عنه أورثكم ويورثكم ذلاً في الدنيا ما بعده ذل وغضب من الله في الآخرة، فتداركوا ذلك بتغيير يرضي الله سبحانه وتعالى عنكم تكون فيه كلمته هي العليا. ونقول للضباط إياكم أن تلقوا ربكم وفي أعناقكم دماء المسلمين، إياكم أن تخسروا آخرتكم بدنيا غيركم! بل اعملوا على تقويم الأمور بالتي هي أحسن، بأخذ الحكم من العصابة المجرمة بحقكم وبحق ربكم ودينكم. وإقامة حكم الله سبحانه في الأرض خلافة راشدة على منهاج النبوة. وعلى الله قصد السبيل، والحمد لله رب العالمين.