محادثات السلام، استمرار خطر لعبة أمريكا في أفغانستان
(مترجم)
الخبر:
يوم الثلاثاء، 3 آذار/مارس، أجرى دونالد ترامب، بحضور زلماي خليل زاد، مكالمة هاتفية مع الملا عبد الغني برادار، الممثل السياسي لحركة طالبان. وأكدت حركة طالبان في بيان لها أن المكالمة كانت تحاول بشكل أساسي مناقشة قضايا مثل “الحد من العنف” و”المفاوضات بين الأفغان”. وأكد ترامب في وقت لاحق هذه المكالمة للصحفيين في البيت الأبيض، وقال إنه أجرى “محادثة جيدة” مع الملا برادار. وفي تصريح لاحق تم تأكيد أن ترامب أخبر الملا بارادار أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سيلتقي قريباً بالرئيس الأفغاني أشرف غاني حتى تتم إزالة الحواجز التي تعترض المحادثات بين الأفغان. إلى جانب ذلك، حث الملا بارادار دونالد ترامب على اتخاذ خطوات حازمة في سحب القوات الأجنبية من أفغانستان، لبناء علاقات إيجابية مع الأفغان في المستقبل، ولمنع أي شخص إذا حاول انتهاك شروط الاتفاقية الموقعة وإشراك أمريكا بشكل أكبر في هذه الحرب الطويلة. (صحيفة أتلات روز اليومية).
التعليق:
عانت الولايات المتحدة من هزيمة كبرى في منطقة القتال في أفغانستان، والتي جعلت من المستحيل تقريباً على أي من رؤساء أمريكا تقديم المزيد من الأعذار الوهمية للرأي العام الأمريكي بعد الآن. وهكذا، بدأت الولايات المتحدة محادثات السلام مع طالبان للإعلان عن نهاية أطول حرب لها في التاريخ. أما الآن، فقد تمكنت أمريكا من تحقيق أشياء من خلال اتفاق السلام هذا على طاولة المفاوضات والتي كانت مستحيلة التحقق من خلال الحرب في ساحة المعركة. وبالتالي، بعد توقيع الاتفاقية مع طالبان، لن تحاول أمريكا فقط التظاهر كما لو أنها تفي بجميع الشروط والالتزامات الواردة في الاتفاقية ولكنها ستظهر أيضاً وكأنها ملتزمة بالشروط. بينما يمكن للمرء أن يرى بوضوح كيف انتهكوا الشروط يوم الأربعاء، 4 آذار/مارس، 2020 بعد أيام قليلة فقط من توقيع اتفاق السلام. وكما قال سوني ليجيت، المتحدث باسم القوات الأمريكية في أفغانستان “نفذت الولايات المتحدة ضربة جوية في 4 آذار/مارس ضد مقاتلي طالبان في منطقة نهر السراح بإقليم هلمند حيث كانوا يهاجمون بنشاط نقطة تفتيش تابعة لقوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية”.
في هذه الأثناء، بدأت اللعبة السياسية القذرة للولايات المتحدة مع جماعة طالبان من جديد حيث يبدو واضحاً في موقف رفض أشرف غاني إطلاق سراح 5000 سجين من طالبان بالإضافة إلى تحدي دعم باكستان للجماعة.
لتشغيل هذه اللعبة الفوضوية، ففي أعقاب مقاطعة وفضيحة انتخابات عام 2019 الرئاسية، تلقى أشرف غاني الضوء الأخضر من أمريكا باعتباره الفائز المعلن من أجل دفع حركة طالبان نحو الأسفل وتقليصها تدريجياً من موقفها السابق. وكبديل لذلك، ضاعفت كيانات المجتمع المدني والناشطات في مجال حقوق المرأة ومنظمات حقوق الإنسان جهودها للضغط على طالبان في المفاوضات الأفغانية عن طريق رفع صوتها من أجل حقوق المرأة وحرياتها.
تم الكشف عن الجانب الآخر من هذه اللعبة القذرة من خلال تصريحات وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي تحدث عن التزامات طالبان السرية مع الولايات المتحدة فيما وصفه بالملحقات السرية. يمكن أن تؤدي هذه التصريحات أيضاً إلى حدوث صدوع وانعدام ثقة واسع النطاق بين صفوف طالبان، مما يجعل من الصعب للغاية على قيادة طالبان معالجة هذه القضايا في ظل هذه الظروف الفوضوية.
البعد الآخر لهذه اللعبة القذرة هو إدارة وقف إطلاق النار مع قوات الاحتلال الأمريكي مع استمرار الحرب مع القوات الأفغانية، والتي سوف تقوض بشكل غير مسبوق شعبية طالبان في نظر الجمهور. بالإضافة إلى ذلك، فإن المرحلة الأكثر تحديا في ما يسمى محادثات السلام هي حول كيفية نجاح المفاوضات بين الأفغان في حين إن المتلاعب الرئيسي في هذه العملية هي سفارات الاحتلال نفسه. رغم أنهم يحاولون جعل الأفغان يتحملون مسؤوليتهم التاريخية في هذه اللعبة القذرة أيضاً.
ومع ذلك، فإن حركة طالبان تسلك الطريق الوعر نحو السلام الأمريكي. لأن طالبان إما أنها لم تفهم الواقع – فشل الولايات المتحدة في أفغانستان وعدم امتثالها للمعاهدات الدولية – أو أنها لم تفهم اللغة الأمريكية، وهي لغة دبلوماسية للربحية والبراغماتية. ونتيجة لذلك، فقد وقعوا للأسف في فخ أمريكا التي عُرضت أمورها الأساسية فيما يلي:
أ) يجب على طالبان أن ترفض شن هجمات على القوات الأمريكية وحلفائها وتأمين المصالح الأمريكية في أفغانستان والعالم.
ب) يجب على طالبان قطع العلاقات مع الجهاديين الدوليين في أفغانستان.
ج) يجب أن تعترف طالبان بالحوار مع الحكومة العميلة في كابول وجميع الفصائل التي يتم تغذيتها بالقيم الأمريكية والغربية على مدار 19 عاماً.
د) يجب أن تقبل طالبان جميع القوانين والمعايير الدولية، وأن تحترم في نهاية المطاف نموذج الدولة القومية.
بقبولها للشروط المذكورة أعلاه، يبدو أن طالبان قد تخلت عن الجهاد وعن انتماءاتها الأيديولوجية الدولية مع الجماعات الجهادية، وأكدت من جديد سقوطها في هوة نظام الدولة القومية في ظل النظام الدولي الحالي بقيادة الولايات المتحدة. أما الآن، فمن واجب المجاهدين المسلمين والأفغان إدراك الأبعاد المختلفة لهذه اللعبة الأمريكية القذرة، والضغط على السياسيين الأفغان والقادة المؤثرين وطالبان لإيقاف هذا السيناريو على الفور وإنهاء الغرور الأمريكي بدلاً من دعم هذه العملية الأمريكية. في الواقع، لن تنتهي الحرب الأفغانية بمجرد توقيع الاتفاقات لأن مشكلة أفغانستان ليست مشكلة داخلية، بل مشكلة إقليمية وعالمية. لن يتم حل هذه المعضلة حتى يتحد المسلمون تحت مظلة واحدة ويقيموا دولة الخلافة الراشدة الثانية. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعزنا بالنصر والتمكين وأن يوحد المسلمين تحت راية الخلافة التي ستحميهم من خداع الكفار والمنافقين. نسأل الله أن لا ينتهي هذا العام إلا ودولة الخلافة تظلنا، محتفلين بنصرنا في شهر رجب العام المقبل.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الله مستنير
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان