مع الحديث الشريف
نظام الخلافة نظام وحدة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أتاكم وأنتم جميع
روى مسلم في صحيحه قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ”
وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ ح وحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْخَثْعَمِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ح وحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُخْتَارِ وَرَجُلٌ سَمَّاهُ كُلُّهُمْ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا فَاقْتُلُوهُ
جاء في كتاب شرح النووي على مسلم:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَتَكُونُ هَنَات وَهَنَات)
الْهَنَات: جَمْع هَنَة، وَتُطْلَق عَلَى كُلّ شَيْء، وَالْمُرَاد بِهَا هُنَا الْفِتَن وَالْأُمُور الْحَادِثَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّق أَمْر هَذِهِ الْأُمَّة وَهِيَ جَمِيع فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ)
فِيهِ الْأَمْر بِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَام، أَوْ أَرَادَ تَفْرِيق كَلِمَة الْمُسْلِمِينَ وَنَحْو ذَلِكَ، وَيَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ قُوتِلَ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِع شَرّه إِلَّا بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ كَانَ هَدَرًا، فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ)، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (فَاقْتُلُوهُ) مَعْنَاهُ: إِذَا لَمْ يَنْدَفِع إِلَّا بِذَلِكَ
نفهم من هذا الحديث أن الإسلام حرم على المسلمين أن يكون لهم أكثر من دولة واحدة أو أن يحكمها أكثر من حاكم واحد. فنظام الخلافة نظام وحدة لا نظام اتحاد …
فالإسلام يعتبر كل ولاية في الدولة جزءاً لا يتجزأ من دولة الخلافة, يطبق فيها نفس النظام, في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتعليم والداخلية والخارجية والإعلام وسائر نواحي الحياة ….مالـيَّـتها واحدة وميزانيتها واحدة…. ينفق منها على مصالح الرعية كلها دون فرق بين ولاية وأخرى, لأن الدولة تنظر إلى حاجات الرعية في الولايات لا إلى وارداتها. فلو أن ولاية كانت وارداتها أكثر من حاجاتها فإنه ينفق عليها بقدر حاجاتها وليس بقدر وارداتها …. وكذلك لو أن ولاية كانت وارداتها لا تكفي لحاجاتها فإنه ينفق عليها من الميزانية العامة بقدر حاجاتها, دون النظر إلى حجم وارداتها ….. فما تقسيم الدولة الإسلامية إلى ولايات إلا تقسيم إداري لتيسير إدارة الدولة وتيسير القيام بمصالح الرعية.
وهذا بخلاف لنظام الاتحادي الذي يعطي الولايات فيه الاستقلال الذاتي ويجمعها معاً في الحكم العام …. كما هو الحال في الاتحادات الديمقراطية المعاصرة من مثل الاتحاد الفدرالي المطبق في أمريكا … والذي يحاول الأعراب تطبيقه في العراق وفي غيرها من بلاد المسلمين أو الكونفدرالي الذي كان يجمع جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق والذي يخطط العملاء من أبناء فلسطين والأردن لتطبيقه في دولة تجمع الأردن وما تتصدق به يهود عليهم من أراضي فلسطين …. إن هذه النماذج من الاتحادات على اختلاف أنواعها تخالف نظام الخلافة …ومن قبل تخالف شرع الله…. فلا يجوز أن يدعى لها أو يسكت على الدعوة لها… لأنها تزيد بلاد الإسلام تقسيماً فوق ما هي عليه من تقسيم … الأمر الذي يخالف ما أمر به الإسلام من جمع كلمة المسلمين على رجل واحد في دولة واحدة …هي دولة الخلافة التي نظامها واحد هو نظام الإسلام …. نظام الوحدة والقوة والعزة والكبرياء.
…أما من ناحية إدارية فيجوز أن تقسم البلاد إلى ولايات أو أقاليم على كل واحد منها وآلٍ أو أمير …. يوليه الخليفة الحكم نيابة عنه … لكن هذه الولايات تبقى مجتمعة تحت نظام واحد هو نظام الخلافة …. ويعتبر المال في الولاية جزء من مال الدولة ينفق منه على جميع الولايات حسب حاجة الولاية وليس حسب إنتاجها.
فإلى هذه الوحدة ليكن عملكم أيها المسلمون
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.