كيف تعمل عقيدتنا في خضم تفشي فيروس كورونا
(مترجم)
الخبر:
“لا تستخدم دينك للتستر على غبائك”. كان هذا تعليقاً قادماً من صفحة حوادث سنغافورة على الفيسبوك في 21 آذار/مارس 2020، فيما يتعلق بالاحتجاج الذي عقد في إندونيسيا. رفض المتظاهرون إلغاء حدث كبير لجماعة التبليغ في غوا جنوب سولاويزي بإندونيسيا، وقالوا “نحن خائفون من الله أكثر من كورونا”.
التعليق:
وصل الجدل حول التعامل مع فيروس كورونا (Covid-19) إلى الباب الأمامي لعقيدة المسلمين وإيمانهم. العلمانيون، مثل مجتمع سنغافورة المذكور أعلاه، يلعبون دائماً حيلاً لإعطاء صورة سلبية بأن جانب الإيمان قريب من الجهل والغموض، في حين إن العلمانيين، وخاصة في الغرب والبلدان المتقدمة، يعبدون العقل والتجربة.
تتناقض المبادئ الإسلامية بالتأكيد مع العلمانية. الإيمان الإسلامي القوي والمنتج هو بالتحديد الذي يجب أن يبقى للتأثير على تفكيرنا بطريقة صحية. كونك مؤمناً لا يعني فقدانك العقلانية. في هذه الأثناء، جعلنا الإيمان نتحمل تبعات ارتباط الشريعة بسلوكنا. عامل الإيمان هذا يجعل المسلمين مميزين، أفضل حتى من الآخرين. إن جودة الإيمان القوي والمنتِج هي وصفة فعّالة للناس في مواجهة مختلف المحن والكوارث في مختلف البلدان.
كيف نضع إيماننا وسط هذا الوباء العالمي؟ هناك ملاحظتان مهمتان يجب مناقشتهما فيما يتعلق بالحالة أعلاه:
أولاً، أهمية تأسيس الإيمان من خلال العقل، لقد حذر الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله من أنه سيكون هناك خطر إذا كان الإيمان مبنياً فقط على المشاعر لأنه يمكن أن يجعله يبتعد (عن المعتقد الصحيح) إلى الكفر والجهل. أي صدام بين أنشطتنا في التفكير والإيمان والسلوك كمسلمين يظهر أننا ما زلنا لا نتبنى الإيمان بشكل كامل. الخوف من كورونا – خلق الله – لا يعني أنه ليس لدينا إيمان بالله تعالى.
نرى أن القرآن يلفت انتباهنا إلى الأشياء التي يمكن الشعور بها – النقص والضعف والحاجة – لإثبات وجود الخالق الله سبحانه وتعالى. هناك المئات من الآيات القرآنية التي تعبر عن هذا المعنى، على سبيل المثال: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلباب﴾. [آل عمران: 190].
ثانياً، الشريعة الإسلامية لديها قواعد لكيفية التصرف عند تفشي المرض. لم يحدث تفشٍ للمرض في زمن النبي محمد e، لكنه علّم أمته كيف تتصرف إذا حدث ذلك. قال e: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا». (رواه البخاري).
هذا الحديث يفسر النهي عن دخول منطقة وبائية، حتى لا يصاب أحد. وبالمثل، لا يستطيع أولئك الذين هم داخل هذه المنطقة مغادرتها، حتى لا يصيبوا الآخرين – باستثناء طلب العلاج. في تاريخنا، حدث تفشٍ في عهد الخليفة عمر، في منطقة عمواس، بالقرب من فلسطين، في منطقة الشام. أطاع عمر أيضا الشريعة من خلال تنفيذ مبدأ الحديث بإلغاء سفره إلى موقع الطاعون.
في الختام، قد تعزز هاتان الملاحظتان البسيطتان إيماننا وتجعله منتجاً، ولا نفقد العقلانية، وفي الوقت نفسه لا نفقد الشجاعة لنثبت للعالم أن المسلمين أقوياء في مواجهة فيروس كورونا هذا بإيمانهم!
وهكذا، يأتي الإسلام بمجموعة شاملة من الأحكام لمعالجة كل مشكلة تحدث للإنسانية، في أي وقت وفي أي مكان. هذا الكمال من الشريعة الإسلامية، تؤكدها كمالية الله سبحانه وتعالى. لذلك، من المستحيل العثور على أي خلل فيها، مهما كان صغيراً.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [سورة المائدة: 3].
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
#كورونا
#Covid19
#Korona