الرسالة الثالثة
إطلالة شهـر رمضان
تهيب بنا لكي نتخلص من الواقع الفاسد
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الثالثة من “الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية”، وهي بعنوان: “إطلالة شهر رمضان تهيب بنا لكي نتخلص من الواقع الفاسد”.
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
يُطِلُّ عَلينَا شَهرُ الصِّيامِ في كُـلِّ عَامٍ، يُذكِّرُنـَا بأحْوَالِنـَا!
- يَهيبُ بِنَا لِنُـلقِيَ الذلَّ عَنْ كوَاهِلِنَا!
- يَهيبُ بِنَا لِنَستعيدَ أيَّـامَ مَجدِنَا وَعِزِّنَا!
- يَهيبُ بِنَا لِنعُودَ إلى دِينِنَـا، فهُوَ مَصدَرُ قُوَّتِنـَا الذي يُشجِّعُـنَا عَلى مُوَاجَهَةِ أعدَائِنا!
- يَهيبُ بِنَا لِنرفعَ رُؤوسَنا، بَعدَ أنْ طَالَ بالأرضِ التصَاقُنَـا!
- يَهيبُ بِنَا لِنصرُخَ فِي وُجُوهِ الظَّالِمينَ، ليَكُـفُّوا عَنْ ظُـلمِنَا!
- يَهيبُ بِنَـا لِنَلَحقَ بالمُجَاهدِينْ وَنخُوضَ غِمَارَ الحَرْبِ مَعَ المُستعمِـرينَ وَالمُحتلِّين!
لَقَدْ آنَ الأوَانُ لِكي نتخلَّصَ مِنْ هَذا الوَاقعِ الفاسِدِ، وَأنْ نَنطَلِقَ مِنْ هَذِهِ القـُيُودِ، وَذلكَ بجَعل ِالإسلامِ وَحدَهُ نِظامًا لِلحَيَاةِ، لِيَعُودَ لَنَا عِزُّنـَا وَمَجْدُنـَا، فيتـَوَحَّدَ شَمْـلُنَا، وَتجتمِعَ كَلِمَتُنَا عَلى إمَامٍ وَاحِدٍ في دَولَةٍ وَاحِدَةٍ، يَصُومُ المُسلِمُونَ كُلُّهُـمْ في يَومٍ وَاحِدٍ، وَيُفطِرُونَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ، وَيفرَحُونَ كُـلُّهُمْ في يَومِ عِيدٍ وَاحِد، فيَرضَى عَنهُمْ رَبُّهُمُ الوَاحِد.
لـَقـَدْ غـَدَتْ وَقائِعُ حَياتِنَا لا تَدَعُ لِمَنْ في قَـلبهِ ذرَّةٌ مِن إيمَانٍ، أو لدَيهِ قليلٌ مِنَ الغيرَةِ عَلى دِينهِ وَأمَّـتِهِ أنْ يَنـَامَ في هَذا الوَاقـِعِ الفـَاسِدِ الذي يُـقاسِي النَّاسُ فيهِ مَرَارَةَ الظُّـلمِ وَالضَّياع، يَجُوعُونَ وَبلادُهُمْ أغـنَى بِقـَاعِ العَالَمِ ثروَةً بتروليةً، يَلهثُونَ وَرَاءَ الرَّغيفِ، وَأموَالُ المُسلمينَ تـُدَّخـَرُ في البـُنوكِ وَالمَصَارفِ الأورُوبيـَّةِ وَالأمريكيـَّةِ، يُـقيمُونَ بهَا مَصَانعَ الأسلِحَة التي يُذلونَ المُسلمينَ بهَا، أو تـُصرَفُ أموَالـُهُمْ في بنـَاء القـُصُورِ وَالمَسَارحِ وَمُدِنِ المَلاهِي وَبرَكِ السِّـبَاحَة وَالنـَّوَادِي اللَّيليَّة.
إنـَّهُ مِنْ سُرَى اللَّيلِ يَطلُعُ الفَجْرُ، وَلا بُـدَّ لهذا اللَّيلِ مِنْ آخِـر، وَإنَّ اللَّيلَ مَهمَا طالَ فـَلا بُـدَّ مِنْ طُـلوعِ الفجرِ، وَإنـَّهُ كُـلَّمَا اشتـدَّ سَوَادُ اللَّيلِ اقتَرَبَ طـُلوعُ الفجْرِ، وَإنَّ الشـَّبابَ هُمْ عُـدَّة ُ التَّغييرِ، وَهُمُ الذينَ نـَصَر اللهُ تعَالى بهمْ رَسُولـَهُ r حيثُ قالَ عَنهُم: »نـُصِـرتُ بالشـَّـبَابِ« وَهُمْ رجَالُ المُستقبلِ، وَالأملُ بمشيئةِ اللهِ تعَالى مَعقودٌ عَـليهمْ، وَإنَّ الخلافـَةَ بَدَأتْ بحَمدِ اللهِ بشـِائرُهَا تَـلوحُ بالأفُـق، فإلى إقامَةِ دَولةِ الخِلافةِ التي يُعَـزُّ بهَا الإسلامُ وَأهلـُهُ، وَيُذلُّ بهَا الكُـفرُ وَالنِّفـَاقُ وَأهلـُه نَهيبُ بكُمْ أيُّهَا المُسلِمُون.
ظَهَرَت أنجُـمُ الشَّبَابِ تَـلُـوحُ وَبَدَا شَذا الطِّيـبِ مِنهُـمْ يَفُوحُ
وَتـفتَّـقت عَنْ خَـفايَا نُفوسِهِمْ آمالُهُـمُ العَرِيضَـةُ والطُّموحُ
فلعَمــرِي إنَّهُـــمْ سَــادَةٌ يُبتَنَى لِلمَجدِ مِنهُـمْ صُــرُوحُ
إنِّي لأرجُو أنْ يَكونُوا قـَــادَةً وَعَلى أيدِيهِـمْ يَكُـونُ الفُتُـوحُ
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.