من روائع البيان في قوله تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (2)
4. أنه قدم جواب الشرط على فعل الشرط، فلم يقل: “إذا دعان أستجب له”؛ وذلك للدلالة على قوة الإجابة وسرعتها.
5. أنه قال: (أجيب دعوة الداع إذا دعان). ولم يقل: “أجيب دعوة الداع إن دعان”, وفي هذا معانٍ بلاغية غاية في الدقة، منها أنه استخدم حرف الشرط )إذا) ولم يستخدم حرف الشرط (إن)، فما الفرق بينهما؟
السبب أن (إن) تستخدم للأحداث المتباعدة والمحتملة الوقوع والمشكوك فيها والنادرة والمستحيلة، كقوله: (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين). وقوله: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)؛ لأن الأصل عدم اقتتال المؤمنين، وقوله: (ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني)، ولم يقل: “إذا استقر مكانه” وقد علمنا أن الجبل دك دكا! وكقوله: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدًا). بينما (إذا) تعني أن المضمون حصوله مؤكد, أو كثير الوقوع، مثل قوله: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)؛ لأن الموت واقع لا محالة! وقوله: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم). وقوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) وقوله: (فإذا قضيت الصلاة)، ولذلك نرى أن كل أحداث يوم القيامة تأتي بـ(إذا) ولم تأت بـ(إن)، مثال ذلك قوله: (إذا زلزلت الأرض زلزالها). وقوله: (إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت …) وقوله: (إذا وقعت الواقعة) وغيرها من أحدث يوم القيامة حيث لم تأت أيًا منها بحرف الشرط (إن)؛ لأنها تحتمل الندرة وعدم الوقوع.